لا تَقُلْ شيئاً، ولا أَقُلْ شيئاً! كي لا نُفسِدَ قَداسةَ ما كابدتُهُ أنا, وما تَأَلَّمْـتَهُ أنت:
لا تَقُلْ شيئاً!... ولا أقُلْ شيئاً!
دعِ الجراحَ تُرَمِّمُ نفسَها بالصمت
مثلما كان الرُعاةُ الأَقدمون
يُداوونَ آلامَ أبنائهم باللعابِ، والقُبَلِ، ودموعِ الأغاني.
لا تَقُلْ شيئاً!... ولا أقُلْ شيئاً!

الآلامُ العظيمةُ محتاجةٌ إلى صمتٍ عظيمٍ, وادِّعاءِ نسيانٍ أعظم.
بدون هذا لا تَصِحُّ الندامةُ، ولا يَكتَمِلُ الغفرانْ.
فإذاً... فإذاً (وقد وقَعَ ما وقعَ من الجنونِ والموت):
لا نَقُلْ شيئاً! ولا نَتَوَسَّلِ المسامَحةَ على شيءْ!
دعِ الصمتَ يتكلّمُ نيابةً عنّا أجمعين!
الصمت، مثلُهُ مثلُ الدمعةِ،
مثلُهُ مثلُ الموسيقى،
مثلُهُ مثلُ الجمال،
لا يَخدعُ، ولا يُخاتِلُ، ولا يَطمعُ في إحرازِ نصر.
الصمتُ، وحدهُ الصمت: دمعةُ نَدامتِنا، وميثاقُ خلاصِنا.
وحدهُ الصمتُ: حقيقةُ أرواحِنا التي ليست في حاجةٍ
إلى قَسَـمٍ، وميثاقٍ، وكتابِ صلواتْ.
وحدهُ الصمتُ: ديانتُنا الخالصةْ...
12/10/2016