كحفنة ماء في صحراء، تشبيه أطلقه أحد كبار السن في مخيم «الجليل» (بعلبك)، تعقيباً على تدشين المكتبة العامة داخل المخيم. شعور هذا الرجل يتقاسمه ربما مع باقي الفلسطينيين المتواجدين في مخيمات الشتات في لبنان. شعور يترجم حاجة هؤلاء الماسة الى فسحة تعليمية تثقيفية، غائبة عنهم منذ زمن.
افتتاح المكتبة أخيراً، جاء بدعوة من مؤسسة «التعاون» الفلسطينية (تأسست 1982)، بالشراكة مع مكتبة «السبيل» اللبنانية، بعد انتشار المكتبات المماثلة في أغلب المخيمات الفلسطينية شمالاً وجنوباً.
في حديث لـ «الأخبار»، تشدّد منسقة برنامج «الثقافة» في المؤسسة نيفين خالد، على أهمية وجود مكتبات عامة في المخيمات، نظراً إلى غياب المؤسسات الفاعلة في هذا المجال، والمهتمة بالشأن الثقافي على وجه التحديد. المؤسسة التي نشرت فسحاتها المكتبية على المخيمات وحطّت اليوم في بعلبك، ترى فيها خالد، «فرصة للدمج» ما بين الأطفال الفلسطينيين واللبنانيين، بدل «العزلة» التي طبعت حياة الفلسطينيين كما لاحظت. عدا هذا التفاعل بين الجنسيتين، تركز المكتبة على تفعيل أنشطتها وصب معظمها في الإضاءة والالتصاق بقضية فلسطين. من ضمن النشاطات على سبيل المثال، حكايا يتولى سردها كبار السن، بخاصة أولئك الذين اضطهدوا وطردوا من فلسطين. حكايا يقصّونها على الأطفال، من أجل حبك العلاقة بين الجيلين و«تعزيز الهوية»، ولاطلاع صغار السن على قضيتهم الأساس، الغائبة من المناهج المدرسية (اللبنانية) كما تروي خالد.
ثماني مكتبات عامة، زرعت اليوم داخل المخيمات، وحدت ضمن شبكة إلكترونية واحدة، وتكفلت المؤسسة (مقرّها الرئيسي القدس، ولها فروع في الأردن، وغزة ورام الله) بتمويل سنوي للمكتبة الواحدة يبلغ 25 ألف دولار، ودعمها عبر شراء الكتب، وتوافر أهم دور النشر داخلها. الأمر لا يقتصر على بقعة معتبرة من المخيم تضم نشاطات ثقافية وتفاعلية، بل ستدأب المؤسسة على تفعيل «الدمج» بين المكتبات اللبنانية والفلسطينية العامة، وعلى التلاقح بين هذه الأمكنة، وتعزيز جانب التدريب لأمناء المكتبات من الجهتين، وفتح المحترفات الإبداعية والتدريب على مختلف الشرائح الإلكترونية.