لو كانَ لهُ عيناكِ (عيناكِ اللتان أكبرُ مِن «كُـلِّكِ»، وأعمقُ مِن هاويتِكْ)لو كان لهُ فمُكِ (فمُكِ الـمُترعُ بالنحيبِ والأسرار)،
وزَفْرَتُكِ ( زفرتُكِ البكماءُ الفصيحةُ)،
وضَراوةُ نظرتِك (ضراوتُها الرقيقةُ، الحانيةُ، المَوجوعَةُ، الـمُتَـضَـرِّعة)،

لو كان لهُ الحزنُ (الحزنُ الأنيقُ) الذي يَنفخُ أحشاءكِ و يُـعَـتِّمُ قلبَكْ،
لو كان لهُ اصطِبارُكِ، وحيرتُكِ، وظلماتُ نهاراتِكِ، ودوِيُّ سَكْـتَـتِك، ودمعتُكِ التي تُسمَعُ ولا تُرى،
لو كانَ لهُ أنفاسُكِ التي... فوقَ العويلِ وفوقَ اليأس،
لو كان لهُ شهقتُكِ (شهقتُكِ الضاريةُ، الـمُستغيثةُ، الـمُلتاعةُ، الـمُـلَـوِّعة)... وأنتِ تغوصين غارقةً في مياهِ نفسِك،
لو كان لهُ جرحكِ (جرحُ الحياة)، وتعاستُكِ، ورأفتُكِ، وقنوطُكِ، وقناعُ رضاكِ ومَسَـرَّتِك،
لو كان لهُ أنهُ «أنتِ»...
إذاً لأَمْكَـنَـهُ أنْ يعرفَ كمِ الحياةُ مُضنِيَةٌ، فقيرةٌ، جائرةٌ، ضيِّقةٌ، ضَنينةٌ، عسيرةٌ ومُحـَــيِّرةْ...؛
وإذاً، لكانَ مِن حقِّهِ (أعني «نرسيس»)
أنْ يُديرَ ظهرَهُ للدنيا
ويَـقَـعَ في غرامِ نفْسِه.
28/10/2016