باريس | في انتظار الإعلان الرسمي ظهر اليوم الخميس، عن التشكيلة الكاملة للأفلام التي ستنافس على السعفة الذهبية خلال الدورة الحادية والسبعين من «مهرجان كان السينمائي الدولي» (بين 8 و19 أيّار/ مايو المقبل)، كشفت إدارة المهرجان الفرنسي العريق عن مفاجأة من العيار الثقيل تمثلت في اختيار الفيلم الجديد للمعلّم الإيراني أصغر فرهادي «الكل يعلم» (Todos Lo Saben) ليكون شريط الافتتاح. تعدّ هذه واحدة من المرّات النادرة التي تتم فيها تزكية عمل سينمائي غير ناطق بالفرنسية أو الإنكليزية ليفتتح «كان». ولعلّ السابقة الوحيدة في هذا الشأن، ولا تزال عالقة في أذهان محبي الفن السابع، هي «سوء تربية» لبيدرو ألمودوفار الذي دشن السباق نحو السعفة الذهبية في عام 2004.
في هذا العمل، الذي يعدّ ثامن فيلم روائي لصاحب «انفصال» («الدب الذهبي» في مهرجان برلين ــ2011 / أوسكار أفضل فيلم أجنبي – 2012)، يسير أصغر فرهادي على خطى معلّمه الراحل عباس كياروستامي الذي راوغ محبي أفلامه في عام 2012، حين ابتعد على نحو مفاجئ عن البيئة الأصلية الإيرانية التي صنعت فرادة سينماه، ليقدّم في «مثل عاشق» فيلماً يدور في بيئة غريبة عنه وبلغة لا يتقنها: اليابانية!
على المنوال نفسه، اختار فرهادي لجديده هذا بيئة إسبانية خالصة، من خلال قصة «لاورا» وزوجها، الإسبانيَّين المغتربَين في الأرجنتين، اللذين يعودان إلى مسقط رأسهما في الريف الإسباني لمناسبة عرس عائلي، فإذا بالأحداث تتسارع لتكشف عن أسرار وجراح عائلية غائرة طالما حاولا نسيانها والفرار منها.
يرتقب أن يكون هذا الفيلم، الذي سيطرح في الصالات الأوروبية بالتزامن مع عرضه في افتتاح «كان»، إحدى المحطات الأبرز للموسم السينمائي الصيفي. فضلاً عن تزكيته كفيلم افتتاح، أعلنت إدارة المهرجان أنّه لن يعرض خارج المسابقة، كما جرت العادة بالنسبة إلى غالبية أفلام الافتتاح في «كان»، بل سينافس أيضاً على السعفة الذهبية.
وما من شك في أنّ الفيلم سيحظى بحفاوة نقدية كبيرة، كون المعلم الإيراني ــ رغم ابتعاده عن بيئته الأصلية ـــ يستعيد هنا التيمة الأثيرة التي صنعت بصمته الفنية وفرادة أسلوبه الإخراجي. تيمة تتمثّل في سبر أغوار الجراح النفسية الغائرة لشخوصه، من أجل الكشف تدريجاً عن الأسرار الحميمة التي يسعون جاهدين لإبقائها أسيرة الدائرة المغلقة لبيئتهم العائلية الضيقة. كما أنّ الفيلم مرشّح لأن يكون حدثاً بارزاً على صعيد شباك التذاكر، نظراً إلى الشعبية الكبيرة الذي يحظى بها بطلاه الرئيسيان، النجمة الإسبانية بينيلوبي كروز ورفيق دربها ومواطنها النجم خافيير بارديم.
ككل أعمال فرهادي، يحمل سيناريو هذا الفيلم توقيع مخرجه. وقد بقي المعلّم الإيراني وفياً للمونتيرة هایدة صفي یاري التي أشرفت على مونتاج معظم أعماله، وفي مقدّمها الفيلمان الفائزان بأوسكار أفضل فيلم اجنبي: «انفصال» (2012) و«البائع» (2017)، بينما اختار لإدارة التصوير معلماً إسبانياً مرموقاً هو خوسيه لويس ألكين الذي أدار تصوير نخبة من أشهر الأفلام الإسبانية خلال ربع القرن الماضي، وحملت تواقيع مخرجين كبار، من أمثال بيدرو ألمودوفار، وكارلوس سورا، وبيغاس لونا.