بخطاب إسرائيلي يدّعي السذاجة، محاولاً تصوير نفسه الضحية، أعلنت شركة «فورتونا ريكوردز» الإسرائيلية أول من أمس، إلغاء إصدار مجموعتها الموسيقية التي تقوم على مختارات من أرشيف شركة «صوت الشرق» اللبنانية من حقبتي السبعينات والثمانينات لمجموعة من الفنانين البارزين: عمر خورشيد، زياد الرحباني، وإحسان المنذر. علماً أنّ «صوت الشرق» تملك حقوق أعمال الفنانين المذكورين أعلاه، إلى جانب أعمال فيروز.البيان الذي نشرته «فورتونا ريكوردز» على صفحتها الفايسبوكية، حاول التفريق بين الاحتلال الصهيوني والموسيقى، واعتبر الأخيرة مساحة «لقاء» بين لبنان وفلسطين المحتلة من «وراء السياج رغم صعوبة ذلك في منطقة مغمورة بالدم»! وتابع بيان الشركة، التي تتخذ من تل أبيب مركزها، بأنّها تعاملت بمنتهى الشفافية مع الطرف اللبناني، أي «صوت الشرق». علماً أنّه في اتصال سابق مع «الأخبار»، نفى صاحب «صوت الشرق» عبد الله شاهين، أي معرفة بالشركة الإسرائيلية، مضيفاً أنه تعاون مع شركة إيطالية، «يعتقد أنها باعت الحقوق للشركة الإسرائيلية». لكنّ «فورتونا ريكوردز» قالت في بيانها إنّ إصدارها «هو ثمرة تعاون خمسة أعوام» مع الشركة اللبنانية وأنّ «المراسلات الإلكترونية المتبادلة كانت تظهر بوضوح هوية الشركة (فورتونا ريكوردز) وعنوانها، وفريق عملها». إصدار موسيقي كلّف ـ بحسب «فورتونا ريكوردز» ــ ثلاثة آلاف دولار ثمن شراء حقوق أعمال الفنانين المذكورين. واعترفت الشركة الإسرائيلية أنها تعرضت لضغط هائل من قِبل الميديا اللبنانية، ومواقع التواصل الاجتماعي، واتهامات بـ «السطو على الأعمال العربية»، ليتبين بأنها «عقود مبرمة بين الشركتين». هكذا، لامت الشركة الإسرائيلية «صوت الشرق»، من دون أن تسميها، آخذة عليها أنها تولت «الإنكار وتضليل الرأي العام». وفي إطلالة سريعة على موقع «فورتونا ريكوردز» الإلكتروني، يتبين أنّها أصدرت أيضاً عام 2014، أسطوانة نُفذت على طريقة DJ، تصدرت غلافها الفنانة الراحلة صباح، وتضمنت 23 مقطوعة موسيقية للفنانين: إحسان المنذر، وزياد الرحباني، ليلى نظمي وغيرهم، مع توزيع للدبكة اللبنانية!
إلغاء الإصدار الموسيقي انعكس ارتياحاً على الرأي العام اللبناني، وعزّزه قبلاً الموقف المشرّف للموسيقار إحسان المنذر خلال لقاء تلفزيوني على «الميادين» الأسبوع الماضي. إذ أعلن عن رفعه دعوى قضائية ضد الشركتين الإسرائيلية واللبنانية، متهماً عبد الله شاهين ببيع الحقوق، وبأنه كان على معرفة سابقة بأنها شركة إسرائيلية. وأبدى استعداده للكشف عن المراسلات الإلكترونية التي بعثتها له «فورتونا ريكوردز»، وكانت تعرّف عن نفسها بشكل علني بأن مركزها تل أبيب. موقف المنذر يعدّ نادراً في هذه الأيام التي يسهل فيها الانزلاق نحو التطبيع، وتلميع صورة العدو، عبر الموسيقى والثقافة، بعدما عجز عن ذلك في الحرب، كما لفت الموسيقار المخضرم في حديثه التلفزيوني.