وصل ملفّ «دار الحياة» (تضمّ صحيفة «الحياة» ومجلة «لها») إلى مفترق هو الأصعب منذ تأسيسها في تسعينيات القرن الماضي. بعد تصفية الدار التي يملكها الأمير خالد بن سلطان بشكل غير معلن عبر تجميد طبعات صحيفة «الحياة» الدولية والخليجية (مع الإبقاء على «لها» الأسبوعية)، ها هي الدار تشهد مشكلة سيركز عليها الإعلام هي قضية المصروفين. على اثر إجهاض صفقة بيع «الحياة» بعدما كانت ستتم بين شركتي IMI التي تضم شبكة «سكاي نيوز» من جهة، و«الشركة العربية للأبحاث والنشر» التي يملكها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من جهة أخرى، بقي السؤال حول مصير المصروفين وتعويضاتهم التي بلغت أرقاماً يُحكى أنها تخطّت الـ 20 مليون دولار أميركي. من هذا المنطلق، لم يعد السؤال حول مصير الصفقة التي نعاها إبراهيم بادي، الرئيس التنفيذي لـ«دار الحياة» بطريقة غير مباشرة في تغريدة قال فيها «رغم «كل شيء، وبغض النظر عنه (كل شيء)، تبقى الحياة تنبض بالقراء في كل لحظة على مدار الساعة»، بل صار محصوراً بما ستؤول إليه الأمور في الأيام المقبلة وكيفية دفع الأموال المكسورة طوال أكثر من عام. رغم ضبابية الصورة حالياً، الأكيد أنّ مصروفي «الحياة» في مختلف الدول العربية، وتحديداً في مصر ولبنان والسعودية والإمارات، بدأوا بتجميع أنفسهم للتقدّم لرفع دعوى قضائية للحصول على مستحقاتهم المتراكمة، وخصوصاً أنه مع تجميد صفقة البيع، لم يتمّ تبليغ هؤلاء بمصير أتعابهم وإنّما تعاملت معهم الإدارة بطريقة غير إنسانية كأنّ شيئاً لم يكن بعد عام كامل من التفاوض ونسف الصفقة. مع تحرّك المصروفين على الخط القضائي، بمن فيهم موظفون في السعودية، بدأت الشركات (الإعلانات والتسويق...) التي كانت تتعاون مع «الحياة»، بتقديم شكاوى أيضاً بعدما وجدت الدار تغرق في ديونها من دون أيّ أفق لحلّ المشكلة الآخذة في التفاقم.
في آخر مستجدات «الحياة»، سيعقد المصروفون مؤتمراً صحافياً في بيروت على الأرجح، لشرح موقفهم وإعلان التصعيد للحصول على مستحقاتهم التي باتت حالياً بيد خالد بن سلطان. كما سيرفعون الصوت لإيصاله إلى الجمعيات والمؤسسات العالمية المعنية بحلّ أزمات الإعلاميين، وبالتالي محاولة الضغط على الأمير السعودي في سبيل دفع مستحقاتهم. في المقابل، يتساءل بعض المتابعين لملف الدار عن الحال التي وصلت إليها، ولا سيّما أنّ الإمارات تطرح نفسها داعمة للإعلام وقضايا أهله، بينما يغضّ المسؤولون الإماراتيون الطرف عن حقوق الموظفين الذين غرقوا في الديون بعد تلقيهم وعوداً زائفة. كما يخيّم الظلام بفعل انقطاع التيار الكهربائي على مكتب الصحيفة في دبي الذي بات مهجوراً بعدما تركه الموظفون وتم تجميد الموقع الإلكتروني. ويبقى السؤال: هل يتدخّل المعنيون في دبي والرياض لتدارك الوضع وحفظ حقوق أكثر من مئتي صحافي عربي قبل فوات الأوان؟