الصورة المصدّرة من دول الخليج في السنوات الماضية، التي تروّج للتطبيع العلني مع «إسرائيل» في المحافل الدبلوماسية والرياضية والسياسية، يُراد لها أن تكون مكرّسة واعتيادية، في مقابل تغييب حقيقي وجوهري لقضية فلسطين. وليس ما حدث أخيراً في غزة سوى خير دليل على محاولات طمس الصورة الإجرامية للعدو الإسرائيلي، وارتكاباته بحقّ المدنيين العزّل الذين غصّت مواقع التواصل الاجتماعي بصورهم، لا سيّما بعد المجزرة الأخيرة التي وقعت في «دير البلح» (وسط غزة). بعد عزف النشيد الإسرائيلي في «أبو ظبي» في فعاليات بطولة «جوجوتسو»، أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية أمس، عبر حسابها على تويتر «إسرائيل بالعربية» أنّ فيلم المخرجة السعودية هيفاء المنصور «المرشّحة المثالية» (كتابة: هيفاء المنصور بالتعاون مع براد نيمن) سيفتتح «مهرجان سينما المرأة» الإسرائيلي (بين 16 و19 كانون الأوّل/ ديسمبر 2019) في القدس المحتلة، ما أثار سخط روّاد السوشال ميديا. الفيلم الحائز جائزة «لجنة التحكيم» في الدورة الـ76 من «مهرجان البندقية السينمائي الدولي»، يتناول قضية تمكين المرأة السعودية عبر سرد قصة طبيبة تتجاوز العوائق الاجتماعية وترشّح نفسها للانتخابات البلدية. يضيء الشريط الذي صوّر في المملكة على التغيرات الاجتماعية والقانونية التي حدثت هناك، من تخفيف قيود نظام ولاية الرجل على المرأة، والسماح للنساء بقيادة السيارة... وقد رشّحته السعودية رسمياً لتمثيلها في سباق الأوسكار المرتقب في 8 شباط (فبراير) المقبل ضمن فئة «أفضل فيلم أجنبي». وسبق للمنصور أن نفت العام الماضي، ما نقلته صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن لسانها حول «عدم استبعادها التعاون فنياً مع سينمائيين إسرائيليين في المستقبل»، وقالت وقتها إنّها في مرحلة ترويجيّة لأفلام أميركية ويجري عدد من الصحافيين أحاديث معها من أنحاء العالم. وعندما تُسأل عن التعاون مع «إسرائيل» تجيب دئماً: «أنا أعمل فقط مع الدول المسموح بها بشكل رسمي».من هيفاء المنصور إلى عمرو واكد (الصورة) الذي كشف في تغريدة أخيراً عن مشاركته في فيلم الكوميكس «المرأة الخارقة 1984» (إخراج باتي جينكينز)، وهو الجزء الثاني من شريط «المرأة الخارقة» الصادر قبل عامين، وتلعب بطولته الممثلة الإسرائيلية غال غادوت، ويُفترض طرحه في حزيران (يونيو) 2020. الفنان المصري المعارض للنظام في بلاده، واجه بفعل تغريدته المذكورة سيلاً من الانتقادات، فيما راح كثيرون يستذكرون دوره في الفيلم المصري الشهير «أصحاب ولا بزنس» (2001 ــ إخراج علي إدريس) الذي جسّد فيه دور الفلسطيني المدافع عن أرضه، في محاولة لتذكيره بالمبادئ التي يجب أن يحملها في مناهضته للتطبيع.
طبعاً، لم يأبَه واكد للتعليقات، وصنّفها ضمن «اللجان الإلكترونية» التي تهاجمه و«تضلّل الرأي العام»، مؤكداً في تغريدة أخرى أنّه يتعيّن على الفنان أن يكون «إنساناً قبل أيّ شيء، وأن أعمل على نصرة قيم الإنسانية والحق والأخلاق... ومحاربة التطرّف والضغينة والكره لأيّ إنسان». خطاب ساذج هزيل ساقه الممثل المصري، محاولاً سبغ العدو بشعارات «الإنسانية» و«التسامح»، في مسار يحيلنا إلى السؤال حول الازدواجية التي يمارسها. فمن جهة، يعلن معاداته للنظام القمعي في مصر، ومن جهة أخرى لا يمانع محاباة «إسرائيل» ويشارك تمثيلاً مجنّدة سابقة في جيش الاحتلال!