غداً، ساعةَ أموت (إذا كان لا بدّ من الإصابةِ بداءِ الموت) أريدُ أنْ أُوَسَّـدَ هنا...هنا على هذا الكرسيّ، جالساً هكذا...، قبالةَ هذا البابِ الحبيبِ، بالضبطِ من هذه الزاوية (تماماً كما في الصورةِ المرفَقة) وعينايَ سارحتان ومفتوحتان على مغربِ الأرض. وقلبي، قلبي الذي لم يمت بعد، يُحلِّقُ فوقَ الوادي، فوقَ الهضابِ التي تَـليهِ وحقولِ الضبابِ الشاحبةِ التي تَليها؛ وُصولاً إلى ذلكَ الخطّ البرتقاليّ الساطعِ الصَّقيلِ الذي يروقُ ليَ الظنُّ دائماً أنه الخطُّ الأكيدُ للبحر.. البحرِ الذي وراءهُ تقعُ بلادُ أحلامي.
هنا إذنْ، هنا!
قبالةَ هذا البجر الذي أتخيّلُه، قبالةَ هذا البحرِ الذي تتعذّرُ عليّ رؤيتُه قدرَ ما يتعذّرُ بلوغه...
هنا، قبالةَ هذا البحرِ الافتراضيّ، أريدُ أنْ أرقد
لأتوهّمَ أنني (ما دمتُ لم أولَد فيها) مسافرٌ إلى بلادٍ أخرى.
من هنا، من هذه الزاوية، من فُرجةِ هذا الباب،
أريدُ أنْ أُطِلَّ على بلادِ أحلامي... وأتخيّلَ الحياة.