مِن نفاياتهم، وروائحِ أنفاسهم وقاذوراتهم، أعرفُ أنّ الناسَ مرّوا من هنا. وهنا، هنا في هذه المتاهةِ البغيضة،
أنا لستُ في حاجةٍ لأنْ أكون عرّافاً أو قارئَ مستقبَل، لأَتَـبَـيّنَ الطريقَ إلى مقابرهم.
: روائحُهم تكفي.

حياء الخائف

على عادتِهِ، حتى وهو يُهيِّئُ النعشَ ويُـمَهِّدُ ليَ الطريقَ إلى القبر،
يُلاقيني بوردتِهِ وابتسامتِه..
وخلفهما، حيثُ تصعبُ الرؤيةُ ويَسهلُ التخمين،
يُذَخَّرُ المسدّسُ، وتُـنَـقَّطُ جُرعةُ السمّ في قدَحِ أنخابِ العيد.
وأنا، على عادتي، وبسببِ الحياءِ أكثرَ ممّا بسببِ الخوف،
لا أجرؤ حتى أنْ أقولَ له.. إلاّ في أحلامي:
هداياكَ، كابتسامتِك، ثقيلةٌ على قلبي.
فإذنْ: خذْ هداياكَ كلّها، وابتساماتِكَ كلّها، ووُرودَكَ كلّها كلّها...
وَ خُذْكَ أيضاً؛ وَ أَعتِقْني!
..
نعم : الخائفُ يستحي.
يستحي وَ يموت.