بعينين يابستين، أنظرُ إلى الحائطِ وأقرأ... (أقرأُ حياتي). أقرأ أنني، طوالَ سنينٍ وسنين، أوقعتُ نفسي في الأمل.
أقرأ أنني، يوماً بعد يوم وسقطةً بعد سقطة، كنتُ ــ كما يفعلُ الناسُ المحترَمون والشعراءُ الكسالى ــ أعزّي نفسي بأنّ يومَ غدٍ سيكونُ أرحمَ وأحسن.
أقرأ أنني، بعد كلّ وقعةٍ وخيبة، كنتُ أَشحذُ همّتي وعقلي وأقول:
إنْ كنتُ قد مشيتُ ما مشيت واحتملتُ ما احتملت، فسأظلّ أحتملُ وأُثابرُ على المشي... إلخ... إلخ.
وكما ترون:
لا أزالُ قاعداً هنا، في هذا الـهُنا ذاته، على هذه الكرسيّ ذاتها، مُلصِقاً عينيّ اليابستين بحائطِ غرفتي اليابس؛ أُثابرُ على قراءةِ حياتي وَ أُواصِلُ اليأس.

ما أهوَنها!...

ما أهونَ البطولةَ في أناشيدِ الهاربين مِن المعارك،
والطهارةَ في صلواتِ اللّصوصِ والزنادقة،
وقولَ «الأبديّة» على ألسنةِ الخوّانين والعاشقين الكسالى!...
ودائماً، دائماً، إذْ لا بدّ مِن مأثرةٍ يَتغَنّى بها الرُّواة:
ما أهونَ الوقوعَ في الهاوية!...