لا! هو ليس طمّاعاً ولا مُقَتِّـراً، ولا هو ممّن يأخذون بنصيحةِ الأسلاف:
«خبِّـئ قرشَكَ الأبيضَ ليومكَ الأسود!»
كلّ ما في الأمر أنه، بسببِ الفاقةِ والخوفِ ممّا سيجيءُ به الغدُ من الأهوال،
صار (هو الذي اعتادَ ــ من أجلِ كلمةٍ واحدة ــ أن يُسَـوِّد حائطاً، ويهدرَ صفحةً كاملةً من البياضِ إكراماً لنقطةِ حبر)  
صار، كصيادلةِ الأزمنةِ العتيقة، يُـنَـقّطُ دموعهُ بالقطّارة...
ولئَلاّ ينقصهُ البياضُ اللازمُ لتوثيقِ مآتمه
صار، قدرَ ما يستطيع، يختزلُ أحرفَ وكلماتِ المراثي
ويكتبُ أحزانَهُ على وجهَي ورقةِ الدفتر.
لكأنه، في بالِ قلبِه، يقول:
«أدّخرُ قروشيَ السوداء
لأيّامي الأَشَـدّ سواداً».
يقولُ، و يُبصِر...