على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

كلُّ السلطات الدينيّة اللبنانيّة مستفزة بحكم تدخّلها السياسي الصارخ، لكنّ البطريركيّة المارونيّة (وهي غير البطريركيّة الذكوريّة التي يكنّ لها فريد هيكل الخازن كلّ الاحترام) تتفوّق عليها كلّها. البطريرك الراعي (الذي قرّر نزع صفة العمالة عن عملاء إسرائيل وكأنّه بهذا يُفتي بأنّ عملاء إسرائيل غير شكل) انتقد «التطاول على الكنيسة». ماذا يعني التطاول على الكنيسة؟ ما علاقة الكنيسة؟ وكلمة تطاول ترد في قوانين أنظمة الطغاة في المنطقة وهي ليست مصطلحاً قانونيّاً معروفاً، لكنّه تدبير اعتباطي يسمح لأيّ طاغية بقمع الأصوات المعترضة لأيّ سبب وسبب، و«التطاول» باب عريض يستطيع الطاغية أن يستعمله لجعل أيّ نقد مهما كان خافتاً تطاولاً. هي مثل قوانين «إطالة اللسان». لا، وفي نفس العظة يزيد البطريرك بالقول إنّه يجب منع «التطاول» على الكنيسة من باب «فصل الدين عن الدولة». هذا مفهوم الراعي لفصل الدين عن الدولة؟ أن نمتنع عن نقد القيادات الدينيّة وحتى الكنسيّة؟ فصل الدين عن الدولة ـــ لو شرحنا له السياق التاريخي ـــ أتى من أجل ضمان حق نقد الكنيسة لا حمايتها من النقد كما يتصوّر في تفسير غريب عجيب له. ثم لو آمن بالفعل بفصل الدين عن الدولة لامتنع إلى أبد الآبدين عن التصريح والوعظ في شؤون السياسة الداخليّة والخارجيّة ولمنعَ إصدار فرمانات مجلس المطارنة الشهريّة. وفصل الدين عن الدولة يجب أن يمنع كلّ السلطات الدينيّة من التدخّل، وخصوصاً أنّها (بما فيها بكركي منذ عهد شارل حلو) تستفيد من أموال دافعي الضرائب (لا أتحدّث هنا عن سخاء رياض سلامة الذي يعتبر الراعي المسّ به تطاولاً على الكنيسة وعلى المدنيّة في آن). إنّ سبب هذا السلوك من قبل البطريركيّة يعود إلى زمن تأسيس الاستعمار: المستعمر الفرنسي أراد فرض (نخبة) طائفة على الآخرين وهذا تطلّب تزويراً في أرقام الطوائف، بحيث تكون الطائفة المارونية متفوّقة عددياً. لكنّ زمن التفوّق العدديّ ولّى والقصّة باتت مفضوحة، ما استدعى الترويج لفكرة تفوّق النوعيّة (لطائفة) على الآخرين (من الطوائف والأديان الأخرى، خصوصاً الإسلاميّة). ثم، ماذا عن التطاول من قبل الكنيسة على شهود يهوه وعبدة الشيطان؟

0 تعليق

التعليقات