على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

ليس من مثيل للإمبراطوريّة الأميركيّة. تعترض بصورة يوميّة على «العدوانيّة الصينيّة» (أين تتجلّى هذه العدوانية الصينيّة، لا أعرف) فيما هي تقوم بافتعال المشكلات وإشعال الحروب حول العالم. أميركا مسؤولة بصورة مباشرة عن استمرار الحرب الأوكرانيّة كما هي كانت مسؤولة عن إطالة أمد الحرب العراقيّة ــ الإيرانيّة والحرب في أفغانستان في الثمانينيّات. أميركا متمرّسة في استعمال شعوب العالم (على أن يكونوا ملوّنين غالباً) وقوداً في حروبها لفرض الهيمنة العالميّة. زيارة نانسي بيلوسي (حليفة تاريخيّة للطغاة في العالم خصوصاً إذا ما كانوا حلفاء لإسرائيل) لتايوان تجري باسم الديموقراطيّة. وأميركا كانت تسوّغ تحالفها مع تايوان باسم الحريّة في كلّ سنوات الحرب الباردة، ومنذ فوز الثورة الصينيّة المظفّرة. أميركا وصفت تايوان بالديموقراطيّة خلال 38 سنة من فرض الأحكام العرفيّة عندما تمّ قتل أو اعتقال أكثر من 140 ألف مواطن تايواني بتهم التعاطف مع الشيوعيّة أو حتى معارضة الحزب الحاكم. تايوان كانت تسعى نحو القنبلة النوويّة وغضّت أميركا النظر عن ذلك. لكن الحكم الانتهازي الأميركي تخلّى عن تايوان وقطع العلاقات معها (اسميّاً) لإرضاء الصين، فيما بقي في سياسة تسليح تايوان والتعاطي معها من خلال هيكليّات خارج نطاق السلك الديبلوماسي التقليدي. وسياسة أميركا نحو تايوان ضبابيّة: أميركا لا تعترف بحق استقلال تايوان وهي اعترفت بحق حكومة الصين بتمثيل كل الصين. لكن هل ستهبّ أميركا للدفاع عن تايوان في حال تعرّضت للإلحاق من قبل حكومة الصين؟ هنا تدخل الألاعيب اللفظيّة الأميركيّة: كلام عن نعم وعن ممكن. بايدن جزم ــــ كما جزم جورج بوش الابن من قبله ــــ بنيّة أميركا الدفاع عن تايوان في وجه الصين، لكن توضيحات مستشاريه ميّعت الوعد. زيارة بيلوسي تُظهر الحدّ الذي تكون فيه السياسة الخارجيّة الأميركيّة (نحو إسرائيل والشيوعيّة وطغاة الخليج) محطّ إجماع من قبل الحزبَيْن الحاكميْن. أميركا قرّرت الردّ ضد التدخّل العسكري الروسي في… تايوان. هي تستفزّ الصين من أجل أن تُخضعها لكن النتيجة المتوخّاة مستبعدة. قامت تظاهرات في تايوان ضدّ زيارة بيلوسي لكن الإعلام العربي والغربي بالكاد ذكر ذلك. قرنٌ آخر من الحروب الأميركيّة.

0 تعليق

التعليقات