لا تعرف ربيكا مصري (الصورة) أيّهما وُلد قبل الآخر: مشروع «إهدنها» أم نشاط «يلّا ع جرودنا». تستغرق ابنة الـ 19 عاماً ثوانيَ معدودة للتفكير، ثمّ تؤكد أنّهما خُلقا بالتزامن أحدهما مع الآخر وأنّ «يلّا ع جرودنا» المرتقب في 26 و27 آب (أغسطس) الحالي هو أوّل الأنشطة ضمن «إهدنها» الهادف إلى تعريف الجميع إلى إهدن و«أهلها الشهيرين بكرمهم وحبّهم للناس والفرح»، وفق ما تقول في اتصال مع «الأخبار». هذا ليس كلّ شيء، فمن بين الأسباب الرئيسية للمضي قدماً في هذا المشروع هو تعزيز السياحة البيئية واستقطاب محبّي الطبيعة الخلّابة إلى منطقة ساحرة تقع في شمال لبنان، حيث يخال المرء نفسه في الجنّة: «إلى جانب جلب السياح إلى إهدن وخلق أجواء جميلة، يهمّنا خلق فرصة للتثقيف البيئي والمناطقي». هذا الهاجس، يتمثّل أيضاً في الحرص على أن يكون الموعد المنتظر صديقاً للبيئة قدر المستطاع، من خلال خطوات عدّة، لعلّ أبرزها الفرز من المصدر في سبيل إعادة التدوير لاحقاً. علماً أنّ الصليب الأحمر وعناصر من قوى الأمن والجيش اللبناني سيكونون على الأرض أيضاً.

منذ أن تمكّنت من المشي والتحدّث، الصبية العفوية مسكونة بشغف المغامرات وحبّ الجبال وبعشق لعائلتها وأصدقائها وناسها. أمّا النشاط اليومي المفضّل لديها أثناء وجودها في لبنان، فهو الذهاب إلى الجبال والتخييم والسير على الطرق الوعرة والاستمتاع بالمرتفعات الفريدة التي يمكننا أن «نسميها بفخر وطننا»، تقول الصبية التي تدرس في أستراليا حالياً علم الجريمة والعلاقات الدولية.
ترى ربيكا أنّ المجازفة التي تُقدم عليها اليوم هي أكثر من مجرّد رهان على نفسها: «بروح المغامرة والعقلية التعاونية، أحاول احتضان تفرّد مسقط رأسي. أريد أن أعتنق ثقافة لبنان المنوّعة، وأن أجلب الحب والأمل إلى أهالي قريتي وبلدي من خلال التعاون مع أكبر عدد ممكن من المنظمات والشركات والأفراد». فهي تعمل على «خلق بيئة من الاحترام والحب والثقة والتعاطف، حيث يمكن لكلّ فرد إطلاق العنان لإمكاناته، ويمكننا جميعاً التعلّم والفشل والتجربة والنمو معاً في وطننا لبنان. وعلينا أن نأخذ في الحسبان أنّ لدينا طموحات أكبر من مخاوفنا».
وتشدد مصري على أنّها تعتبر أنّه من مسؤولية كلّ منّا تقديم شيء ما للبلد ضمن قدراتنا وإمكاناتنا. انطلاقاً من هذا المبدأ، يركز «يلّا ع جرودنا» على إبراز خصائص قريتها التي لا تعرف النوم، ومنح الناس تجربة من وجهة نظرها.
في حزيران (يونيو) الماضي، أتت ربيكا إلى لبنان لقضاء العطلة، وعندما حان موعد المغادرة أرجأت رحلتها وقرّرت تنظيم حدث «يصوّر جمال إهدن ويجمع كل ما نحبه فيها».
هكذا، وُلد «يلّا ع جرودنا» بالتعاون مع بلدية المنطقة ومهرجان «إهدنيات» (الداعم الأوّل لـ «يلا ع جرودنا») وبالإضافة إلى مجموعة من الشبّان والشباب المفعمين بالعزيمة والحماسة.
إنّها «تجربة متكاملة»، قائمة على فكرة التخييم في أحضان الطبيعة. لن يستمتع المشاركون فقط بليلة تحت سماء إهدن الفاتنة، بل سيشاهدون غروب الشمس وشروقها من موقع متفرّد جداً، ويستمتعون بليلة موسيقية (خلطة عربية وغربية)، ترافقها ألسنة النيران، فضلاً عن مساحة وافرة لأكشاك الأطعمة والمشروبات الشهية من مطابخ عدّة (بتوقيع سكان محليين). ومن بين الفعاليات الكثيرة التي يوفّرها النشاط والموجّهة إلى الفئات العمرية كافة، بإمكان الراغبين إمّا الصعود إلى القرنة السوداء وهي أعلى قمّة في الشرق الأوسط أو الذهاب إلى محمية حرش إهدن الطبيعية، حيث الأشجار والنباتات والحيوانات المتفرّدة والنادرة.
تفعل ربيكا مصري هذا لإلهام أبناء جيلها في بلد تمزّقه المآسي، للنظر من حولهم والاقتناع بأنّ لكلّ مساهمة صغيرة وقعاً كبيراً. وتختم حديثها معنا بالقول: «أعلم أنّ الخطوات المتواضعة يمكن أن تحدث فرقاً كبيراً، وأريد من شبابنا ألّا يخافوا وأن يتمتعوا بروح الإقدام وردّ الجميل إلى وطننا».

* «يلّا ع جرودنا»: الجمعة 26 والسبت 27 آب ــ الساعة الخامسة بعد الظهر ــ عالبلاطة في حرش إهدن (شمال لبنان). للاستعلام والحجز: 81/191516