على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

هناك جبران خليل جبران آخر. جبران عندما كان حيّاً، كان مُحَارَباً في لبنان (ليس إلى الدرجة الذي صوّرها هو في أحاديثه مع برباره يونغ، عندما حدّثها عن احتجاجات ضدّه وعن حرق لكتبه. على العكس. حتى في مصر، كان هناك تقدير لكتاباته ومقابلات معه ونشر لمؤلّفاته). لكن شنّت مجلّة «المشرق» والكنيسة حملات عنيفة ضدّ جبران في حياته وافتعلتا ضجّة عند دفنه. تستطيع أن ترجع إلى كتابات «المشرق» وتقرأ لأمثال فؤاد أفرام البستاني وغيره (هذا الانعزالي كان أوّل رئيس للجامعة اللبنانيّة من دون أن يحمل شهادة الدكتوراه. المواصفات كانت طائفيّة محضاً آنذاك ــــ كما الآن). وفي مقابلة صحافيّة، تحدّث جبران كمواطِن سوري. هويّته السياسيّة كانت سوريّة وعربيّة. برباره يونغ في كتابها عنه تحدّثت عنه كسوري وعربي. نقلت من مقابلة جرت معه في أميركا وفيها تحدّث عن عظمة العرب وعن علماء العرب وشعرائهم وكيف أنّ الإمبراطوريّة العربيّة غطّت بقعة كبيرة من الأرض في أوجها. لكن صورة جبران في المنهج اللبناني مغايرة: يُصوَّر جبران كوطني لبناني شوفيني لا صلة له بالواقع العربي. جبران كان معجباً بعلماء وكتاب وشعراء العرب. في المخيّلة اللبنانيّة، لم يكن جبران معجباً إلا بعتاة دعاة الفينيقيّة. كان همّ جبران همّاً عربيّاً محضاً في زمانه. بعد وفاة جبران، غيّروا من صورته. الكنيسة تلقّفته لمحو حقيقة دوره، وجبران كان أبعد ما يكون عن الكنيسة وهذه كانت رسالة بربارة يونغ في كتابها عنه. ويونغ عرفت جبران وصارت واحداً من مريديه. كره جبران الكنيسة وهذا ظاهر في كتاباته ورفض التوبة للكاهن وهو يُحتضر، وصوّر ميخائيل نعيمة ذلك في كتابه عنه. سرقوا جبران ويسرقون كتّاباً وساسة ماتوا. موسى الصدر كان من أوثق حلفاء النظام السوري في لبنان، لكن بعد عام 2005 جعلوا منه مناضلاً ضد «الاحتلال السوري». فعلوا الشيء نفسه مع رينيه معوّض، الذي أصبح رئيساً بإرادة حافظ الأسد. لكن كتابات جبران لا يمكن تزويرها (وإن شابت ترجمتها من الإنكليزيّة إلى العربيّة من قبل الأرشمندريت أنطونيوس بشير عيوب شتّى).

0 تعليق

التعليقات