على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

لديّ نقطة ضعف أعترف بها نحو الكاتب اللبناني رفيق خوري. اتصلتُ به مرّة خلال زيارة للبنان وطلبتُ مقابلته بعد أن شاهدته على الشاشة. عبّرتُ له عن إعجابي وأنني واظبتُ على قراءته وأنا شاب قبل مجيئي إلى أميركا. كما صارحته بخيبتي من كيف أنّه انجرّ بالموجة الطائفيّة العارمة بعد همروجة 14 آذار. أقرأه هذه الأيام في جريدة الـ «إندبندنت» السعوديّة. هو غير رفيق خوري الذي نشأتُ عليه في «الأنوار» و«الصيّاد». قال قبل أيّام إنّ العالم العربي فقد شعراءه وكتّابه ومفكّريه ولامَ ــــ على طريقة كل كتّاب الإعلام السعودي والإماراتي ــــ الثورات (ويقصد به الانقلابات العسكريّة). حسناً، لنفترض أنّ ذلك صحيح. الثورات تلك انتهت في أوائل السبعينيّات. النظام البعثي العراقي مات ومات جمال عبد الناصر قبل أكثر من خمسين سنة. والنظام السوري مستمرّ لكنّه معزول ومُحاصَر وفاقد التأثير في المحيط. لكن ماذا عن باقي البلدان العربيّة؟ ما الذي يمنعها من توليد الكتاب والشعراء والمفكرين الذين تترحّم عليهم؟ ثم لنأخذ مثال مصر لأنّه مثال فريد ولا يمكن تشبيهه بمثال البعث. الكتّاب والشعراء والأكاديميّون السوريّون والعراقيّون اضطرّوا في أغلبهم لمغادرة بلادهم لانعدام إمكانيّة الإنتاج والإبداع والخلق. هذا صحيح لكنّه لا يسري على الحقبة الناصريّة. الحقبة الناصريّة كانت أغزر في الفن والأدب والفلسفة والتاريخ من الحقبات التي سبقت وتلت. تذكرون نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ويوسف شاهين وصلاح أبو سيف ولويس عوض وكمال الطويل وأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ ــــ وحتى الجاحد أنيس منصور الذي مدح عبد الناصر في زمانه وازدهر في ذلك الزمن ــــ. العصر الذهبي في الثقافة العربيّة كان في الحقبة الناصريّة التي أثّرت حتى على ثقافات دول عربيّة أخرى. نزار قبّاني انطلق نحو العالم العربي الواسع بعد مرثيّته عن عبد الناصر. ثم يتحدّث خوري عن استبداد الإخوان وداعش: ماذا عن استبداد أنظمة الخليج؟ لماذا هي ــــ بما أنها المُعادية للثورات ــــ لم تُنتج غير ثقافة التملّق والمحاباة وتمجيد الطغاة والتفنّن في تسويغ التطبيع مع إسرائيل والابتعاد عن القضيّة الفلسطينيّة؟

0 تعليق

التعليقات