على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

لا شكّ أنّ طريقة صنع القرار في الجمهوريّة اللبنانيّة لا تخضع لمؤسّسات أو ضوابط تشريعيّة. كان الهراوي والحريري وبرّي يتخذون القرارات بالتشاور مع المخابرات السوريّة. هذا ليس بجديد. كان رؤساء الجمهوريّة (في لبنان ما قبل الطائف) يتشاورون مع السفير الأميركي والحكومة الإسرائيليّة وقادة ميليشيات زعماء الموارنة قبل اتخاذ قرارات مصيريّة سياديّة. لكن كانت هناك اعتبارات طائفيّة صارخة تحكم وجهة الحكم والثقافة في لبنان. ولم تكن هناك استشارات شعبيّة قبل وضع تمثال مرتبط بدين لبناني واحد على رأس حريصا، وهي المعلم الأبرز في البلاد. وإعلام الدولة في لبنان قبل الحرب لم يعترف بأي دين غير المسيحيّة (كان يُسمح للمفتي بتوجيه رسالة مرتيْن في السنة في العيديْن، وغير ذلك لم تعترف الدولة بالإسلام). لكن هناك ما هو أبعد: احتقار الدين الإسلامي والمسلمين كان في صلب تأسيس الجمهوريّة التي كان دعاتها يريدونها وطنا قوميّاً مسيحيّاً (متزاوجاً مع الوطن القومي المسيحي عند إميل إدّه والمطران مبارك وغيرهما). الخلاف الجاري حول التوقيت الصيفي يحمل في طيّاته خلافاً طائفياً. كان البطريرك صفير يتهم الحريري بتحويل البلد إلى بلد إسلامي. فكرة أنّ الأكثريّة لا تُحتسب بالعدد بل بالنوعيّة متأصّلة عند الطائفيّين المسيحيّين. وعندما يجتمع جبران باسيل وآل الجميّل والبطريركيّة وبيار الضاهر وآل المرّ على موقف تعلم أنه ينبع من بغض طائفي ومن حسابات غير وطنيّة. لا، وفكرة أنّ البطريرك الماروني يصدر قراراً يتعلّق بالتوقيت وفي مخالفة لقرار رسمي من الجمهوريّة (لا يزال برّي وميقاتي يمثلان الحكومة، رضيتَ عنهما أم لم ترضَ) تضرب بالمدنيّة عرض الحائط. لا، والطريف أنّ كل تجّار المدنيّة في لبنان لم يعترضوا على قرار البطريرك الماروني بأنه هو الذي يقرّر العمل بالتوقيت الصيفي. والتوقيت الصيفي ليس قراراً عمليّاً خاضعاً لحسابات المختبر. هو قرار اعتباطي توافقي يهدف لتحسين حياة العمّال، أو الصائمين كما الحالة هنا. والحرص على تسهيل حياة الصائمين هدف مشروع لا بل صحّي. لكن هناك من لا يرضى بأن الدولة تأخذ في الحسبان دينيْن لا ديناً واحداً.

0 تعليق

التعليقات