في عيد ميلاد المناضل اليساري اللبناني جورج إبراهيم عبدالله الثاني والسبعين، أصدرت الحملة الوطنية لتحريره من السجون الفرنسية، بياناً جاء فيه: «نسأل الدولة اللبنانية، لم لا يتم إرسال قضاة لبنانيين إلى فرنسا للتحقيق مع من اعترف بخرق القانون خلال محاكمته؟ إن انقضاء ما يقرب من الـ 39 عاماً على اعتقال المناضل جورج عبدالله يجعل منه أحد أقدم أسرى القضية الفلسطينية. جورج عبدالله مناضل لبناني شيوعي حاول إيقاف إمداد السلاح من أوروبا إلى العدو الصهيوني أثناء اجتياح العدو للجنوب عام 1978 ولبيروت عام 1982.أوقفته السلطات الفرنسية واتهمته بعد أربع سنوات اعتقال بسلّة تهم لعمليات ضد عسكريين أميركيين وصهاينة متورطين في اجتياح بيروت. سلة التهم هذه لم ينفها عبدالله ولم يؤكدها بل اعتبر أن السلطات الفرنسية متورطة في الاجتياح ذاته والمحكمة جزء من تمثيلية يكون فيها «الموظف الجيد» أي القضاء، في خدمة الاستعمار لأنه يفصل المحاكمة عن مجريات الحرب في بيروت ويقبل أن تكون حكومة الولايات المتحدة هي جهة الادعاء على عبدالله في حين أن سفينتها تقصف بيروت. «ما حجم السخافة التي يجب أن يتحلى بها ممثل المجرم ريغان ليمثل أمامكم كضحية وكجهة ادعاء جنائية في باريس بينما تستعد البحرية الأميركية للاعتداء على بيروت وعلى مدنٍ عربيةٍ أخرى؟»، من تصريح المناضل عبدالله أمام المحكمة الفرنسية عام 1987. إن ثبات المناضل جورج عبدالله هو من ثبات مئات الأسرى اللبنانيين الذين تحرر آخرهم عام 2008 بعد التبادل الذي جرى على إثر حرب تموز 2006. هو يرفض أن يعتبر نفسه مميزاً، بل مارس «حرية» الدفاع عن شعبه كما فعل العديد من المناضلين. هو لا يعتبره واجباً حتى، بل يعتبر نضاله ونضال الآلاف ضد الاستعمار حقاً بديهياً من حقوق الإنسان.
منذ عام 1999، بات من حقّه طلب الإفراج المشروط، وفعلاً تقدّم به وقبله القاضي المعني في مدينة بو عام 2003 لكن ما لبث أن انتبهت السلطات الفرنسية فاستأنفت القرار بشخص وزير الداخلية حينها دومينيك بيربان ونقلت ملفه إلى محكمة مختصة في شؤون الإرهاب في باريس وطبقت عليه «قانون داتي» بمفعول رجعي. منذ ذلك الوقت وفرنسا تضرب بحذائها «الموظف الجيد» أي القضاة وقراراتهم المتتالية بالإفراج عنه معرقلة تنفيذها. كل ذلك والقضاء اللبناني لم يتحرّك، والسلك الديبلوماسي «شغال» بين الدولتين بدون انقطاع. لم يحدث أي عمل ديبلوماسي فعلي لاستعادة هذا الأسير إلا عندما أطلق القاضي سراحه في نهاية عام 2012 أرسلت الدولة اللبنانية طلباً عبر الخارجية لاستلام المناضل جورج عبدالله.
لكن في 2013 على سبيل المثال، اعترف رئيس المخابرات إيف بونّيه، وهو المسؤول عن اعتقال عبد الله عام 1984، بالصوت والصورة في أحد الفيديوات عندما قال إنّهم «اعتقلوه لشيء لم يفعله». وعلى سبيل مثال ثانٍ، اعترف بعد المحاكمة محامي المناضل جورج عبدالله واسمه جان بول مازورييه أنه عميل لجهاز المخابرات الفرنسية فرع الـ DGSE واعترف أنه عمل ضد موكله. ولم تتم إعادة المحاكمة في لحظتها واكتفت نقابة المحامين بطرده من النقابة.
حصلت خروقات عديدة للمحاكمة واعترافات خطيرة أدلى بها مسؤولون فرنسيون بدون أن تتلقفها الدولة اللبنانية وتحاجج بها وتطالب باستعادته.
مع زيارة الوفد الأوروبي من المحققين إلى لبنان للتحقيق في أمور داخلية لبنانية ومن مبدأ الندّية، لماذا لا يزور وفد لبناني للتحقيق مع كل من ثبت واعترف أنه عرقل الإفراج عن الأسير جورج عبدالله؟ وفي عيد ميلاد جورج عبدالله الذي أصبح أقدم أسير في أوروبا، نسأل الدولة والقضاء اللبنانيين، لم لا يتم إرسال قضاة للتحقيق مع إيف بونّيه وجان بول مازورييه اللذين اعترفا بخرق القانون خلال محاكمة جورج عبدالله؟
لماذا لا يرتفع الصوت الديبلوماسي من أجل المطالبة بتسليم جورج عبدالله، هو الذي معه قراران قضائيان بالإفراج؟
إن التدخل الفرنسي والأميركي في كل تفصيل سيادي لبناني، من انتخاب رئيس إلى التنقيب عن النفط، يؤكد تبعية السياسيين اللبنانيين لهذه القوى وسيطرتها على قراراتها».