الرباط | بعدما أجّلت محكمة الجنح لعين السبع في الدار البيضاء أخيراً الحكم على مغني الراب المغربي عثمان عتيق (17 سنة ــ الصورة) المعتقل منذ ثلاثة أشهر، يُفترض أن يمثل الفنان الشاب يوم الجمعة المقبل أمام قاضٍ للقاصرين، وفي انتظاره لائحة تهم ثقيلة تراوح بين «إهانة النشيد الوطني ومؤسسة الأمن الوطني، والحث على استهلاك المخدرات».

تهم تبدو غريبة بالنسبة إلى شاب في هذا العمر وقد تبقيه في السجن لسنوات. لكن ما سبب هذه الملاحقة القانونية؟ يرجّح أنّ المسألة عائدة إلى كلمات أغنيات الفنان المعروف بـMr. Crazy التي تشبه «طلقات الرصاص». وعي الطالب الثانوي يظهر في فيديو كليبات ينشرها على الإنترنت، لأغنيات لاقت نجاحاً كبيراً بين مستخدمي الشبكة العنكبوتية، إذ تجاوزت أعداد مشاهداتها على يوتيوب عتبة المليون. تبدو هذه الأعمال تعبيراً عن التحوّلات العنيفة التي يعرفها الفضاء الحضري للدار البيضاء. مدينة لم تستطع ضبط الدفق السريع للعمران والبشر، وتحوّلت إلى غيتوهات. يعبّر عثمان عن كل هذه الفوضى، ويعيد تركيب مشاهد الواقع اليومي في فيديو كليباته، بينها عنف الشباب، والسطو المسلح على المواطنين المعروف بـ«التشرميل»، واستهلاك المخدرات، والرغبة في الهجرة. في كلماته، يسخر أيضاً من الشعارات الوطنية التي لا تجد لها مكاناً في أرض واقعه. يقول في أغنيته «حياتي ناقصة» التي يُلاحق بسببها: «منبت الأحرار في النشيد ليس سوى كلمة... مشرق الأنوار مجرّد حلم»، فيما يرافق الكلام مشهد له وهو يكتب على دفتر العبارة الشهيرة: A.C.A.B أيAll Cops Are Bastards التي يستعملها كثيرون، خصوصاً الألتراس حول العالم لشتم رجال الشرطة. هذه العبارة وغيرها من التي يرددها الملايين من أبناء جيله لم تعجب السلطات على ما يبدو. هكذا، اعتبرت محاضر الشرطة أنّ في أعمال Mr. Crazy «حثاً للشباب على العنف والانحراف، واستعمال المخدرات». من جانبها، استغربت عائلة السبب التهم الموجّهة إليه، وأكدت والدته أنّ حالته النفسية «سيئة»، مستنكرة ما يتعرّض له في ظل إصرار المغرب على أنّ حرية التعبير مكفولة للجميع. معاذ بلغوات الشهير بـ«الحاقد» الذي قضى سجن مراراً بسبب أغنتياته المعارضة للنظام، انتقد هو الآخر اعتقال عثمان عتيق: «هل تمكن محاكمة الفنان بالقانون نفسه الذي يطبّق على مروّجي المخدرات واللصوص؟». من جهتها رأت عضو «الجمعية المغربية لحقوق الإنسان» سميرة كيناني، أنّه من غير المقبول «أن يعتقل عتيق كل هذا الوقت من دون محاكمة. لقد عبّر على طريقته، ولم يعتد على أحد». على الأثر، أطلق روّاد السوشال ميديا حملة Free Mr Crazy#، ووصل عدد متابعي الصفحة الفايسبوكية إلى الثلاثين ألفاً. بانتظار ما ستؤول إليه المحاكمة المقبلة، يبقى الأكيد أنّ الحكمة «تخرج من أفواه الأطفال والمجانين».