«من تحت الدلفة لتحت المزراب» مثل شعبي كاد ينطبق على صنّاع المسلسل الاجتماعي السوري «سنعود بعد قليل»، كتابة رافي وهبي، وإخراج الليث حجو. بعدما قررت شركة «كلاكيت» (المملوكة لإياد نجار) تصوير غالبية مشاهد المسلسل في لبنان تجنّباً لأي حدث لا تحمد عقباه لو تم التصوير في دمشق، تعرّض فريق المسلسل لمحاولة اعتداء من قبل مجموعة من السلفيين أثناء تصويرهم بعض المشاهد في بلدة القلمون (شمال لبنان). بعدها، سارعت المواقع الإلكترونية إلى تصوير الخبر على أنّه استهداف لبطل العمل ونجم الكوميديا السوري دريد لحام على خلفية مواقفه الداعمة للنظام السوري. في نشرته المسائية أول من أمس، نشر تلفزيون «الجديد» تقريراً أفاد بأنّّ «السلفيين أرادوا النيل من دريد لحام، لكنّ الجيش اللبناني هب لنصرته وتهريبه من طرق فرعية وعرة». وتزامن ذلك مع عرض لقطات فيديو مشتتة التقطت بكاميرا هاتف خلوي. لكن يحسب للتقرير الاختيار الموفق لبعض المشاهد الثورية المؤثرة لصاحب «كاسك يا وطن» من بعض مسرحياته وإلحاقها بجزء من مقابلته الشهيرة مع قناة NBN في بداية الأزمة السورية، حين قال إنّ مهمة الجيش السوري هي حماية البلاد من الخارج والداخل!
في اتصال مع «الأخبار» يشرح مصدر مقرّب من «غوّار» ما جرى، قائلاً إنّه أثناء تواجد فريق المسلسل في القلمون، توجهت مجموعة من السلفيين نحو الفيلا التي يجري فيها التصوير وبدأوا بالهتاف و«توجيه الشتائم للشعب السوري من دون أن يعرفوا أنّ دريد لحام موجود هناك». وطالب هؤلاء برحيل فريق العمل فيما استمرت الحالة حوالي ساعة ونصف الساعة حتى وصلت دورية من الجيش اللبناني وطوّقت المكان، وأمّنت سيارة لبطل «صح النوم» كي تقلّه مع زوجته. لكن لحام رفض الخروج مفضلاً الانتظار حتى «أُمّن فريق العمل كاملاً»، قبل أن يعود الجميع إلى بيروت وسط حماية أمنية مشددة. وتشير مصادر أخرى لـ «الأخبار» إلى أنّ هؤلاء السلفيين هاجموا طاقم عمل المسلسل كله ودريد لحّام لأنّهم «يعتبرونهم موالين للنظام أو يملكون موقفاً نقدياً من الثورة السورية».
وقد عادت كاميرا المخرج الليث حجو صباح أمس للدوران بشكل طبيعي في العاصمة اللبنانية، على أن يجري الاستغناء عن موقع القلمون نهائياً. الغريب أنّ مخرج المسلسل أمضى وقتاً طويلاً في استطلاع أماكن التصوير ليختار الأكثر أمناً من بينها، لكن يبدو أنّ «المد السلفي المتشدد» صعّب المهمّة في بلاد الأرز.يذكر أن العمل يعتبر تجربة مختلفة بالنسبة إلى دريد لحّام، فهو يبتعد عن الكوميديا ليقدّم عملاً تراجيدياً اجتماعياً، يؤدي فيه شخصية أب لستة أولاد ينشغل بمشاكلهم وأزماتهم.