«هيئة التنسيق النقابية تعيد للنضال الوطني نكهته». تختصر هذه العبارة التي زيّنت إحدى اللافتات المرفوعة في التظاهرات المطلبية (راجع : هتّافو التظاهرات «جناح عسكري» لهـيئة التنسيق ) التي اجتاحت بيروت أمس واقع الحال في لبنان. رغم أنّ المحطات التلفزيونية المولعة بـ«قضايا» الناس في الفترة الأخيرة، تباخلت فجأةً في تغطية اعتصام «هيئة التنسيق النقابية» أمام السراي أمس، إلا أنّ رئيس الهيئة حنا غريب تحوّل أيقونةً ثورية للشباب اللبناني على مواقع التواصل الاجتماعي حيث تكرّر شعار واحد على البوستات: «حنّا غريب يمثلني».
تمنّى البعض أن يكون «لدينا كم واحد مثله في البرلمان، لكنّا بألف خير»، فيما اعتبر أحد الشبّان على فايسبوك أنّ ابن بلدة رحبة العكارية (شمال لبنان) أطلق «ثورة جياع حقيقية»، كاشفاً عن معادلة جديدة: «حنّا غريب = ربيع لبنان»، ليعود ويؤكد أنّه «ليس حنّا السكران الذي غنّت له فيروز، بل حنّا التعبان الذي يشبه كل اللبنانيين». تويتر ضجّ بالتعليقات أيضاً أبرزها تغريدة لم تغيّب رفيق درب غريب وابن بلدته نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض: «اليوم حنّا لم يكن غريباً، حقه بالنعمة كان محفوظاً».
وسط حالة البهجة غير المسبوقة التي عمّت أوساط المشاركين في تحرّك أمس، سجّل يوم «زحف بيروت» (من منطقة البربير باتجاه السراي الحكومي) سابقة أخرى. انتشرت صورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي من أحد شوارع العاصمة اللبنانية تظهر مجموعة من الشباب يتقدّمهم شابان متأثران بالأجواء المصرية. يحمل كل منهما لافتة مستوحاة من إحدى حلقات برنامج «البرنامج» لباسم يوسف (سي. بي. سي ـــ 9:30 مساء كل جمعة)، حين سخر الجرّاح المصري من إنكليزية الرئيس محمد مرسي الركيكة خلال زيارته الأخيرة إلى ألمانيا، متهكماً على نكثه بكل الوعود التي أطلقها (الأخبار 11/2/2013) . وكُتب على اللافتة الأولى «نحن والحكومة دونت مِكس»، وعلى الثانية: «يا نجيب الـ Liar بيروح الـ Fire»، في إشارة إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. ملاحظة أخرى أبرزت مدى تأثّر الشارع اللبناني بما يجري في المحروسة. ظهر الشابان مقنّعين بطريقة تشبه شباب الـ«بلاك بلوك» المصريين. والـ Black Bloc حركة نشأت في ثمانينيات القرن الماضي في ألمانيا وامتدت إلى مختلف دول العالم، لتظهر أخيراً في مصر خلال التظاهرات المناهضة للنظام ويقول أعضاؤها الذين يرتدون ملابس سوداء إنّ «مهمتنا حماية المتظاهرات من بطش الإخوان لو قرروا الهجوم على المتظاهرين السلميين».
صدى الصور لم ينحصر بالحدود اللبنانية بل امتد إلى مصر أيضاً. انتشرت الصورة على مختلف الصفحات والحسابات الافتراضية في وقت قياسي، ووجدت طريقها إلى إحدى التغريدات في أم الدنيا. عرض أحد مستخدمي تويتر الصورة مرفقةً بالتعليق التالي: «الصورة دي من بيروت دلوقتي!:) فضحتنا في كل مكان يا مرسي». واستُحدثت على تويتر «هاشتاغز» خاصة بهذا اليوم هي «#زحف_بيروت»... فهل يستفيق اللبنانيون ويخلقون الربيع الحقيقي؟