وبما أنّ كتاب التاريخ في المناهج الدراسية اللبنانية الرسمية يتوقف عند مرحلة الاستقلال، قبل أن يتطرّق إلى «اتفاق الطائف» من دون ذكر سببه (الحرب الأهلية)، ولأنّه من حق الجيل الجديد معرفة ما حصل يومها كي «تنذكر ما تنعاد»، يتناول شريط «بدنا نعرف» تلك الحقبة. يعالج الفيلم الوثائقي الحرب مستعيناً بمواد مختلفة، إذ يُبرز طلاباً من ثانويات عدة في بيروت، يحاولون جمع معلومات كل من محيطه. هكذا راح التلامذة يسألون ذويهم، وأقاربهم عن زمن عاشوه ولم يتحدثوا عنه يوماً. قصص تؤرخ الواقع شفهياً، وتعود إلى أناس عاديين، يمكن الاطلاع عليها كاملة عبر زيارة موقع badnanaaref.org. يقارب الشريط زاوية أخرى من الحرب تتجسد في جيل عاش كل تفاصيلها من القصف إلى تقسيم بيروت، مروراً برؤية ناس وهم يقتلون بدم بارد، وصولاً إلى التهجير والعيش في الملاجئ. مع المهندسة المعمارية منى حلاق، ندخل إلى بناية بركات في منطقة السوديكو، لترينا جريمة الإنسان الذي طور أساليب ومنطقاً للقنص «الآمن» مستغلاً فيه هندسة المبنى. نستكمل التعرّف إلى حكايا الحرب مع سيدة كانت تسكن على خطوط التماس في منطقة رأس النبع، فيما يخبرنا طبيب عن إصراره على المجيء إلى العاصمة يومياً رغم هربه مع عائلته إلى جبيل (شمال بيروت). في المستشفى حيث يعمل، تحوّل الطبيب إلى شاهد على جرائم مروّعة. طوال مدّة الفيلم التسجيلي، تتقطع مشاهد المقابلات المصورة، بمشاهد من أرشيف الحرب الأهلية. صور ومشاهد عنيفة توثّق أفظع الجرائم التي ارتكبناها بحق أنفسنا. عشية الذكرى الـ 38 للحرب، يضع «بدنا نعرف» بين أيدي اللبنانيين ــ كل اللبنانيين ــ مادة وثائقية تثبت بشاعة الحقيقة لعلّهم يحاولون عدم تكرارها، ولعلّنا نصل إلى وقت ننتج فيه أعمالاً تتحدّث صراحة عن زعماء موّلوا اللعبة وأداروها.
Badna naaref Trailer from Forward Film Productions on Vimeo.
«بدنا نعرف» لكارول منصور: 6:00 مساء اليوم ــ مسرح «بيريت» (حرم كلية العلوم الإنسانية في «جامعة القديس يوسف»، بيروت ــ طريق الشام).
للإستعلام: 01/738044 ــ 03/119386