القاهرة | ليس التحرش ظاهرة طارئة على الشوارع العربية، وخصوصاً المصرية. الأزمة التي تتصدر عناوين الأخبار في الأعياد، مع تكرّر التحرش الجماعي في شوارع وسط البلد في القاهرة، ما لبثت أن خفتت في السنة الأولى للثورة المصرية. إلا أنّها عادت بقوة أخيراً، فارتفعت الأصوات الداعية إلى مكافحتها، وخصوصاً بعد اغتصاب مجموعة من الفتيات في ميدان التحرير، فظهرت مبادرات لمقاومة هذا الخبث الاجتماعي مثل مبادرة «امسك متحرش».
وتشير دراسة حديثة أجريت في مصر إلى أنّ 83% من المصريات تعرّضن للتحرش، ونصفهنّ بنحو يومي، فيما يقوم 62% من المصريين بالتحرش بالفتيات في الشوارع. هذا فيض من غيض. وجاء في الدراسة التي أعدّها «المركز المصري لحقوق المرأة» تحت عنوان «غيوم في سماء مصر» أنّ «أكثر من ثلثي الرجال في مصر يقرون بارتكابهم التحرش ضد نساء، وإن الغالبية منهم تلقي باللوم على المرأة في ذلك»! وخلصت الدراسة إلى أنّ للتحرش تداعياته النفسية على الضحية كالشعور بالغضب والخوف ثم الإحراج والخجل والاضطراب والارتباك وعدم القدرة على التصرف، وأخيراً الاكتئاب. كذلك أوضحت الدراسة انعكاسات التحرش على السياحة المصرية، مثل امتناع السائحات عن زيارة البلد. كل هذه الوقائع المفزعة دفعت فنانين من سوريا ولبنان ومصر والبحرين وفلسطين إلى إطلاق حملة قبل أشهر تدعو إلى مواجهة ظاهرة التحرش في البلاد العربية من خلال فيلم قصير وكتاب سيصدران قريباً.
هذا المشروع تقوم به «المؤسسة العربية لمسرح الدمى والعرائس»، بالشراكة مع «هاينرش بول» الألمانية، و«إنترنيوز» الأردنية. وقد أُنجز فيلم قصير من ثلاث دقائق اعتمد تقديم واحدة من قصص التحرش عبر الدمى. يتناول الفيلم قصة شاب يعترض فتاة في الطريق بألفاظ شوارعية. وينتهي بأغنية راب تصوّر السلوك الفظ للشاب المتحرش. والفيلم من تصوير جود كوراني، وقام بتحريك الدمى مصطفى حجازي ودانا جمول. المشروع نفسه يتولى إصدار كتاب يجمع عدداً من الرسوم التي تلخص قصصاً جُمعت من بلدان عربية عدة، وتأتي من مصر قصة «عن تظاهرات طنطا وكيف أغلقت النساء الشارع احتجاجاً على التحرش» وسيطبع الكتاب بستة آلاف نسخة. وفي سياق المبادرات التي تندرج في إطار مكافحة التحرش، أطلق الممثل المصري خالد النبوي (الصورة) أول من أمس حملة إعلانية من إنتاجه وإخراجه بعنوان «مصر ما حدش يتحرش بيها» على اليوتيوب. يحكي الفيديو قصة فتاة تتعرض لمحاولة اعتداء في الشارع. في البدء، تحاول استدرار عطف الشاب فتقول له: «ربنا يخلي لك أختك» فيقول لها: «ما عنديش أخوات بنات». عندها، تدافع عن نفسها بالـ«البخاخ الحارق» وتنجو من محاولة الاغتصاب، ثم يُنقل الشاب المعتدي إلى أحد المستشفيات لتلقي العلاج، فيجد نفسه أمام طبيبة هي البنت نفسها التي حاول اغتصابها، فينتابه الذهول. الفيديو اللافت ينتهي بكلمة أخيرة لخالد النبوي حيث يقول: «مصر ماحدش يتحرش بيها».