في هذه الأيام المتمردة على كل القيم الإنسانية، لا خيار أمام دعاة الفن سوى التعمّق في دروب أعمق أكثر من أي وقت مضى، علّها تؤدي إلى فسحة من الأمان. انطلاقاً من هذا المبدأ، تأسست جمعية «زمن» أخيراً لأهداف ثقافية واجتماعية، بدءاً بالمسرح والأدب والسينما والشعر والزجل والفنون الشعبية، وصولاً إلى محو الأمية والعمل على تأهيل مدربين لذوي الاحتياجات الخاصة، ومساعدتهم على التواصل السليم مع محيطهم.
هكذا، أبصرت الجمعية غير الربحية النور بدعوة من الناشطين اللبنانيين: ناهلة سلامة (الصورة)، علا فارس، مارك خريش وسلمان قشم، معتمدة على جهود مؤسسيها لتنظيم أنشطتها، ومعوّلةً على الدعم الإعلامي للترويج لها. أما عن الهدف الحقيقي من تأسيس هذه الجمعية في هذا الوقت بالتحديد، فتقول سلامة في حديث إلى «الأخبار» إنّ «الجواب قد يكمن في الكلمة الافتتاحية التي ألقيتها مساء السبت الماضي في «زيكو هاوس» (الصنائع) عندما نظمنا أمسية شعرية ومعرض تصوير ضوئي بعنوان «من ذاكرة بيروت» يوثّق صور الحرب الأهلية». يومها تساءلت الشابة اللبنانية: «هل يمكن أن نواجه الحرب برصاصها القاتل؟»، و«هل نتحدى الدم الذي لوّن أرضنا بمزيد من الدم؟»، و«هل يمكن أن نقف مقنعين وجهاً لوجه مع المسلح المقنع؟». هكذا جاء تأسيس «زمن» صرخة في وجه سيلان دم جديد، ورفضاً للمسلحين المقنعين، وإحياءً لزمن الفن عبر الشعر والصور والموسيقى: «زمن لا رصاص فيه، بل كلمات تنساب من القلوب، ولا قناع مسلحاً فيه بل شفافية ألحان». وفي ما يتعلّق بالفعالية الافتتاحية، فقد ضمت أمسية شعرية ـــ موسيقية أحياها الشعراء: سمر دياب، نور ياسين، فوزي يمين، محمد سليمان وعبيدة الإبراهيم، فضلاً عن عازف العود مازن أبو حمدان. بعد ذلك، افتتح معرض تصوير ضوئي يغوص في تفاصيل لبنانية انهارت تحت وطأة الحرب، بمشاركة مصورين شباب، أبرزهم: أنجيلو بعيني، محمود غزيّل، دانيال قاصوف شويري وحسين كزما. في زمن الحرب المستمرة، لعلّ الجمعية التي تجهد لصناعة زمن جميل تستحق تحيّة على مغامرتها الفنية.