القاهرة | قبلات عبد الحليم حافظ وناديا لطفي ممنوعة، ومسلسل «يوميات ونيس» يدعو إلى العلمانية. بهذه الخلاصات «القيّمة»، بدأت موجة جديدة من الرقابة على الفن المصري وسط انتشار التبريرات من كل حدب وصوب. فوجئ الجمهور المصري أخيراً بحذف قبلات العندليب الأسمر وصاحبة «النظارة السوداء» من أغنية «جانا الهوى» (كلمات محمد حمزة وألحان بليغ حمدي) في فيلم «أبي فوق الشجرة» (1969) للمخرج حسين كمال خلال عرضها على شاشة التلفزيون المصري ضمن برنامج يقدم أشهر أغنيات الأفلام. وفي ردّه على هذه الواقعة، اعتبر رئيس التلفزيون الرسمي علي سيد الأهل أنّها «مسألة تقع ضمن مسؤوليات مخرج البرنامج»، لكنّه «نسي» أنّ الفيلم نفسه ممنوع من العرض على التلفزيون المصري منذ سنوات طويلة. وبذلك يكون سيد الأهل قد فتح الباب أمام كل مخرج لعرض ما يراه مناسباً من الأفلام الأصلية. ووفق مصادر في رقابة التلفزيون المصري، فإنّ «كل القنوات التابعة لـ«ماسبيرو» مجبرة على عرض نسخ الأفلام الكاملة بالصيغة التي توافق عليها الرقابة، من دون التدخل في مشاهدها، إلا إذا عرض جزء منها ضمن أحد البرنامج، فتترك للمخرج حريّة التصرّف». كلام المسؤولين في «ماسبيرو» رد عليه بعض العاملين في المبنى، مؤكدين أنّه قبل فترة وجيزة تم حذف مشهد كامل من فيلم «الناصر صلاح الدين» (1963) ليوسف شاهين عندما عرض على إحدى القنوات الحكومية، رغم مشاهدة الجمهور له عشرات المرات سابقاً على الشاشة نفسها من دون حذف. هنا، قرّر مقص الرقيب حديثاً حذف مشهد التآمر بين ملك فرنسا والدوق الإنكليزي آرثر على الملك ريتشارد قلب الأسد بواسطة راقصة، رغم بناء باقي أحداث الفيلم الأساسية عليه.
لطالما طالب السينمائيون التلفزيون الرسمي والقنوات الفضائية الأخرى بعرض النسخ الكاملة لأعمالهم أو عدم عرضها، أو إسناد مهمة الحذف لمخرج العمل الأصلي لتوفير «الصنعة الفنية المطلوبة» بما لا يفسد السياق الدرامي للعمل. نوع آخر من الرقابة ابتكره المتحدث باسم التيار الإسلامي العام السلفي حسام أبو البخاري عندما تذكّر «فجأةً» مسلسل «يوميات ونيس» أنجح أعمال محمد صبحي خلال السنوات العشرين الأخيرة. العمل مكوّن من سبعة أجزاء، قدّم أوّلها عام 1994 وآخرها في 2010، وهو من إخراج محمد صبحي وأحمد بدر الدين، كما قام بالبطولة، إلى جانب صبحي، كل من: الراحلة سعاد نصر، سامح الشجيع، هدى هاني، فاديا خفاجة، ريم أحمد وغيرهم. وشدد أبو البخاري على أنّ العمل يدعو إلى «العلمانية والبعد عن الدين من خلال حرص البطل على تربية أولاده على الأخلاق والقيم، لكن من دون الاقتراب من العبادات مثل الصلاة والصيام والزكاة»، الأمر الذي يروّج لفكرة أنّه يمكن للمجتمع أن «يكون صالحاً من دون ممارسة الشعائر الدينية». مع سيل الأفكار «الجهنمية» التي اكتسحت المحروسة على جميع الأصعدة خلال السنوات الأخيرة، لا ندري ما الذي يضمره لنا النظام الإخواني من مفاجآت جديدة.