يمكننا أن نتجاوز التشويه المستمرّ الذي يمارسه الإعلام على مختلف القضايا، ونتوقّف جديّاً أمام صورة المرأة على الشاشة. ويمكننا أيضاً أن نغضّ الطرف عن الصورة الجنسيّة النمطية والدعائية المرافقة للمرأة، ونتوقّف عند ما هو مخفي، تحديداً عند صورتها في الأفلام العائلية التي تعدّ من ركائز التوعية لدى الأطفال. مهما أجمعنا على أن الشاشة مجحفة بحق النساء ولو أنهن ملكات الشاشة، إلا أنّ لا دراسة جديّة وشاملة حتى الآن حول هذا الموضوع. قبل أيام، أعلنت «هيئة الأمم المتحدة للمرأة» المعنية بالمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة عن تعاونها مع «معهد جينا ديفيس» الذي أسسّته الممثلة الأميركية (1956) لدعم أوّل دراسة عالميّة حول كيفيّة تظهير المرأة في الأفلام العائليّة، وخصوصاً أنّ هذه الصورة تؤثّر في نظرة المرأة إلى نفسها قبل كل شيء. وستشمل هذه الدراسة الأفلام العالمية في عشرة بلدان هي: أستراليا، والصين، وفرنسا، وألمانيا، والهند، وإيطاليا، واليابان، وروسيا، وإسبانيا، وبريطانيا على أن تصدر نتائجها العام المقبل. «لا شك في أنّ الصورة النمطيّة لتمثيل الجنسين في الأفلام تؤثر في ثقة الفتيات والنساء وفي العلاقة بين الجنسين» علّقت الرئيسة بالوكالة لهيئة الأمم المتحدة للمرأة لاكشمي بوري. أما «معهد جينا ديفيس» الذي يعمل على ضمان التوازن بين الجنسين من خلال دور الأطفال في وسائل الإعلام، فقد أجرى دراسة حول الجندرية في الميديا، وأتت بنتائج محبطة بعض الشيء، مؤكّدة على أنّ التكافؤ الجندري لا يزال غائباً عن الشاشة. مثلاً، نسبة الشخصيات النسائية الناطقة في الأفلام العائلية الأميركية هي 28.3%، وهذا ما يترجم إلى 2.53 من الرجال مقابل امرأة واحدة. لا تتوقّف نتائج الدراسة هنا، بل إنّ هذه الأفلام تصوّر الكثير من النساء بشكل جنسي نمطي محدد. كما أن عدداً قليلاً من النساء لعبن أدوار قوّة وسلطة على الشاشة (3.4% من نساء إدارة الأعمال، و4.5 من السياسيات). وقد علّقت النجمة الأميركيّة جينا ديفيس بأنّ «ندرة الأدوار النسائية الأساسيّة في الإعلام الذي يشاهده الأطفال تعلّم هؤلاء أن النساء والفتيات لا يأخذن نصف المساحة في العالم وأنّ الصبية يمارسون أشياء مهمة ومسلية في المجتمع». وحذّرت ديفيس من «التأثير الهائل للصور التي يروّجها الإعلام على ثقة الأطفال وتطلعاتهم». وبينما لا يزال البحث في النتائج المترتبة عن تصوير المرأة في وسائل الإعلام أمراً معقداً وغير واضح المعالم، إلا أنّ هناك إجماعاً بين المرشدين والباحثين والمربين على أنّ الصورة التي يروّجها الإعلام عن المرأة تؤدّي إلى تأثيرات سلبية لدى الأطفال والبالغين.