يوقّع الفنان اللبناني مرسيل خليفة (الصورة) الليلة جديده «أندلس الحب» في الـ «فيرجين» في وسط بيروت. موسيقى لمرسيل يغنّي فيها نصّاً للشاعر الفلسطيني محمود درويش (1942 ـــ 2008) في ذكرى ميلاده. كلام كان تمنّى درويش على خليفة أن يعمل عليه قبل رحيله. هذا المساء، يولد عمل جديد للثنائي الذي طبعت أغنياته ذاكرة أكثر من جيل.
«إلى توأم روحي الفنّي، بإعجاب وحب». بهذه الكلمات، وقّع درويش على نسخة قصيدة «أندلس الحب» التي أرسلها لخليفة في 23 تموز (يوليو) 1984. وكان مرسيل قد لحّن قصائد درويش للمرّة الأولى عام 1976 في أسطوانته «وعود من العاصفة»، قبل أن يلتقي بكاتب «ريتا» بعدها بأربع سنوات.
عن العمل الجديد، يقول خليفة لـ «الأخبار» إنّه «في «أندلس الحب» حب الحياة، حب الشعر، حب الموسيقى، حب الغناء وحب الحب. حب كالأعجوبة لحكاية الروح، لحكاية الحكاية، لحكاية الوردة. وكما صرخت للوطن عالياً، أهمس اليوم كالطيف كي لا يختنق الحب». ويضيف: «أحببت أن أنجز «أندلس الحب» في هذا الجو الخانق الذي نعيش فيه لأعترف بالحب، مع أنّ العالم في حرب ضروس... أنا إنسان أحب، ومنذ البداية كانت قضيتي هي الحب».
الحبّ رسالة مرسيل الأولى والدائمة وكلمته التي لا يتوقّف عن تكرارها: «قد يعتبر بعضهم أنّ هذا الوقت غير ملائم لغناء الحب وبهذه الطريقة الإيروسيّة، لأنّه وقت الحرب والمصير. لكن لا نستطيع أن نهمل الحب. فكلّما أهملناه، ازدادت حروبنا». يستذكر صاحب أغنية «أجمل الأمّهات» كم أزعج «المتشدّدين» بما غنّاه من «أخبار مجنون ليلى» لقاسم حداد مروراً بـ «ريتا» وصولاً إلى «أندلس الحب». «فلتكن الأغنية مولّدة للحب أو وليدة الحب... لا أريد الأرض ولا أريد الحرب. أريد الحب وكم أحلم برجوع مَنْ رحلوا منذ زمن إلى الحياة ليموتوا من الحب لا من الحرب. عالم يغوص في النفايات وأحاول أن ألتجأ إلى حديقة مليئة بالزهور والفراشات. لقد بحت في «أندلس الحب» بحُبّي كي لا أدخل في حرب من الحروب...» يقول.
شكّل مرسيل خليفة ومحمود درويش رمزية في الأغنية التي حملت القضية الفلسطينية في نكبتها وثورتها. كانا صوت القضية القوي حيناً والحزين والمشتاق إلى الأرض حيناً آخر. تركا أثراً وولّدا جدلاً خصوصاً عند إكمال مرسيل مسيرته موسيقياً خارج الكادر الذي أحاطه مع الشاعر الفلسطيني. يذكر هؤلاء المنتقدين في رسالته قائلاً: « كن ثورياً يكونون معك في ثورية الصالون واللفظية، أو في ثورية القتل والقمع. لكن إذا تحدّثت عن الحب، تبدأ المشكلة. كيف يسع ثورياً أن يكون ثورياً واعياً بدون ثمرة الحريّة الانسانية الكاملة... قضية الحب هي قضية الإنسان. قضية الحياة والثورة السياسية ليست منفصلة عن الثورة الروحيّة. الثورة كل لا يتجزأ. نجمع الخبز والورد في جسم واحد». ويلفت أيضاً إلى أنّ «سوء الفهم من «المتجهمين الملتزمين» يؤلمني ولا يضعفني. تصوّر عندما كتبت الموسيقى قالوا إنّني ابتعدت عن النضال وهم لم يناضلوا قيد انملة في حياتهم، وبقينا وحدنا ندور في الأرض لنقدّم أمسية لمستوصف أو لمستشفى أو لمركز اجتماعي أو لمعهد موسيقي هنا وهناك. هذا الشيء يؤلمني ولا يضعفني ولا يجعلني أشكك بما أو من في داخله تمام الإيمان... أؤمن بقوّة الحب...».
أما عن كلام درويش بين الأمس واليوم وإمكانية بقائه واستمرار الإقبال على قراءة أبياته حتى لو لم تحملها أنغام خليفة، يشدد الفنان اللبناني على أنّه «في وسع الشعر أن يلوّن الحياة بالحب في نار لا تنطفئ لتضيء الظلام، في قطرة ضوء متلألأة على وتر العود. وسيبقى شعر درويش في حوار الأرواح الحميم لنذهب إلى جنته لتفادي اليأس وفتح الروح على الأرواح الأخرى».
«أندلس الحب» الذي يصدر في ذكرى ولادة محمود درويش الـ 75، عبارة عن ساعة من موسيقى مرسيل خليفة يغنيها ويعزفها على عوده في رباعي يضمّ إلى جانبه جيلبير يمين (قانون)، ونجليه رامي وبشار خليفة (بيانو وإيقاع). يتذكر مرسيل «كم كان يتمنى (محمود درويش) في أواخر أيامه أن أعمل على هذه القصيدة ولكن شاء القدر أن أغنّي مقطعاً صغيراً في تأبينه في مطار عمّان: أنا لحبيبي أنا... وحبيبي لنجمته الشاردة... فنم يا حبيب... عليك ضفائر شعري عليك السلام».

توقيع «أندلس الحب» ــ الليلة ــ الساعة السابعة مساءً ــ في «فيرجين» (وسط بيروت). للاستعلام: 01/999666