غزة، عكا | بعد أربعة أيام حافلة بالأدب والفن، جاء اختتام الدورة الخامسة من «احتفالية فلسطين للأدب» في غزة أول من أمس ذا طعم مختلف. فضّت الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة «حماس» المقالة حشد الكتاب والمثقفين المصريين والفلسطينيين المشاركين في الحدث، وسط هلع دفع الوفد المصري إلى الهرولة نحو الباص. كان الشاعر يوسف القدرة يهمّ بالسير حين قال لنا «مش حينفع ثقافة ولا كتابة ولا أيّ حاجة هنا». أما الروائية المصرية سحر الموجي، فجعلها توتّرها الشديد تظنّ أنّ هناك علاقة بين الحادثة والمجلس العسكري المصري! فيما أردف الكاتب المصري يوسف رخا «هو ده حصل ليه؟ دحنا كنا مبسوطين؟». على أي حال، عوّدتنا «حماس» وقف النشاطات الثقافية والفنّية. في ختام الاحتفالية التي تحولت إلى أمسية سياسية، انقطعت الكهرباء فجأة. ظن المنظمون والحضور أنّ السبب هو واقع قطاع غزة المحاصر وقرروا المواصلة، لكن بعد 5 دقائق، لوحظت حركة غريبة عند مدخل قاعة «قصر الباشا الاثري». اقتحم الأمن الداخلي القاعة وأخذ كاميرا لفتاة كانت تصوّر الاحتفالية، وطلب إيقاف الأمسية بدعوى أنّها لم تحصل على ترخيص.
في هذه الأثناء، أخرج الأمن الحضور، ووقعت مشادات بين المنظمين والأمن، الذي تعدّى بالضرب على الفنان المصري حازم شاهين. ثم ذهب الكاتب والباحث المصري عمرو عزت إلى أحد رجال الأمن سائلاً عن سبب إيقاف الأمسية، فأخبره بأنّ مداخلته في الندوة كانت السبب، لأنّه قال إنّه لا يمكن قبول قمع الحريات تحت مبررات المقاومة. أضف إلى ذلك أنّ الأمن تابع تحركات كلّ من عمرو عزت وعلاء عبد الفتاح على تويتر، وخصوصاً عندما كتب عزت عن تدخّل «حماس» في كل شاردة وواردة في تحرّك المجموعة؛ قائلاً: «كان ناقص يخشوا معنا الحمام».
بعد هذه الواقعة، توجّه الوفد والجمهور إلى «فندق القدس الدولي» لإكمال الأمسية بهيئة أبسط، فقرأ الشاعران الفلسطيني طارق حمدان والمصري أمين حدّاد بعضاً من قصائدهما. ثم عزف حازم شاهين بعض المقطوعات بحضور العديد من الشباب الفلسطيني، الذي جاء للتضامن وللاعتذار عن سلطة لا تتوقف عن قمعهم ولا تمثلهم. وفي حديث خاص لـ «الأخبار»، قال الكاتب والباحث عمرو عزت: «لم يكن برنامج الاحتفالية سياسياً، لكني أردت أن أتحدث عن حصيلة الخبرة التي قضيناها هنا، والقصص الذي حدثنا عنها الشباب الفلسطيني وتعرضهم للملاحقة المستمرة من قبل «حماس»؛ وخصوصاً في ما يتعلق بقمع الحريات».
المضحك أنّه بعد نقل الاحتفالية إلى الفندق، وصل مدير الأمن متأخراً ليعتذر عما حصل، قائلاً إنّ ما حدث «خطأ فردي وسوء قراءة للموقف»، وقدم اعتذراً رسمياً، مضيفاً إنه فتح تحقيقاً في الحادث، لكن أحد الشباب الغزاويين كتب ساخراً على تويتر: «معلش، مش أول مرة يغلطوا!».