لا يتميّز المدير التنفيذي للفايسبوك مارك زوكربرغ (1984) بنظرته الثاقبة وغرابة سلوكه فحسب، بل بمواهبه في إدارة الشركة، وخصوصاً صرف العاملين لديه! هذا ما نشرته «نيويورك ماغازين»، موردةً أنّ هناك طريقتين لبناء شركة ناجحة: إما أن يبرع المدير المسؤول في اختيار موظفيه، أو يبرع في صرفهم. وبحسب موظّف سابق في شركة فايسبوك، فـ«زوكربرغ يتميّز بقدرته على صرف الموظفين. ويستحق التقدير لهذه الموهبة التي يمتلكها في الحكم على الأشخاص في وقت قصير جداً».
انضم شون باركر إلى عائلة فايسبوك عام 2004، وكان أول مدير للشركة عمل على تطويرها، فيما تفرّغ زوكربرغ لاستقطاب رأس مال خارجي إضافي. بعد عام على توظيفه، طُرد باركر من عمله حين أحسّ زوكربرغ بأنّه لم يعد يقدّم أي قيمة مضافة إلى هذا العمل. بعد باركر، جاء أوين فان نيتا الذي اشتهر بكونه أكبر موظف في الشركة (36 سنة). لم تكن عائلة الموقع الأزرق تضم يومها سوى 26 موظفاً. بدأ نيتا عمله، وكدّ في الوظيفة واجتهد، فكبر الفايسبوك وازدهر بدوره حتى بات يضم مئات العاملين، وقد شارك هو شخصياً في توظيفهم. وتجدر الإشارة إلى أنّ عائدات المؤسسة زادت في عهد نيتا، من حوالى مليون دولار إلى أكثر من 150 مليوناً!
لكن في عام 2008، زادت التباينات في وجهات النظر بين المؤسس وساعده الأيمن... فكان الحل أن يحزم الثاني أمتعته وغادر الموقع الأزرق. وطبعاً إذا كانت تلك المعاملة التي لاقاها مديرو الشركة، فما الذي يمكن أن نقوله عن الموظفين؟... شهادات العاملين السابقين الذين لاقوا المصير نفسه في إمبراطوريّة زوكربرغ، تملأ الفضاء الافتراضي، ما يترك لدى روّاد كوكب فايسبوك طعم الخيبة. بعد 2008، بدأ العصر الذهبي للفايسبوك، لكن طرد الموظفين أيضاً كان إلى تصاعد، فيما كانت ثروة زوكربرغ تتزايد حتى احتلّ منذ أيام المرتبة الـ 26 بحسب مؤشر «بلومبرغ».
مارك زوكربرغ يمسك بيد من حديد أكبر شبكة تواصل اجتماعي في العالم فاقت اليوم الـ 900 مليون مستخدم، لكن الأسطورة التي تعدّ نموذجاً لجيل يجمع بين الانفتاح والبراغماتية، لها أيضاً وجه آخر مظلم. أين مكان القيم الإنسانية في أدغال الليبرالية الافتراضيّة.