دمشق | لم يعرف السوريون في تاريخهم الحديث ظروفاً مشابهة لما يمرّون به حالياً. الحراك الذي بدأ سلمياً، سرعان ما أغرته رائحة البارود وشدّه صوت الرصاص حتى أفرزت الأزمة شريحة ربما هي الغالبية في سوريا تنام وتصحو، على أمل أن تحدث معجزة تضع حداً لمسلسل الموت اليومي ... أو أن تكون فعلاً سحابة صيف تعود بعدها عاصمة الأمويين تلك المدينة الصاخبة التي تنبض حياة ويتباهى أهلها بأنها أكثر عواصم العالم أماناً ... لكن على الأرض، لا بارقة لحلّ سلمي يوفّر على البلد دماء أهله.
لم يعد أحد يصدّق محطة «الدنيا» التي كانت تبثّ فواصل تقول فيها «خلصت» ولا دوائر الدولة الحكومية التي عُلّقت في ممراتها وعلى أبواب بعض مكاتبها، لافتات كُتبت عليها كلمة «خلصت». راح بعض الفقراء يسخرون من هذه العبارة عند انتظارهم في الطوابير أمام محطات الوقود ساخرين «سوريا خلصت والأزمة بخير».
هذه الفكرة تحديداً راقت الممثلَ السوري الشاب يامن حجلي. فإذا به يقرّر خوض تجربة الإخراج في مسلسل وضع له السيناريو الطالب في المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق أحمد قصار، وشارك فيه ممثلون شباب هم: مازن عباس، ولينا دياب وطلال مارديني. المسلسل الذي يتألّف من 30 حلقة لا تتجاوز مدّة كل واحدة أربع دقائق، يطرح وجهات نظر الناس في الأزمة، ضمن سياق أحداث المسلسل الذي يتناول موعداً غرامياً بين شاب وفتاة تستقبل عشيقها في قبو بنايتها. لكنّ صوت الرصاص في الخارج يحوّل الموعد إلى حديث عن الأزمة حتى تكتشف الفتاة أنها وقعت في عشق شاب جبان. وبعد أن يغادر، تبقى الفتاة وحيدة إلى أن يدخل معلّم أدوات صحية كان قد لجأ إلى البناية هرباً من صوت الرصاص. وهنا، يدور حوار آخر بينهما يستمر حتى نهاية المسلسل. بذلك، يكون زمن العمل الفعلي أربع ساعات موزعة على ثلاثين حلقة ستُعرض على التلفزيون السوري في رمضان المقبل.
«لا نناقش الأزمة السياسية، بل الجانب المعنوي وما خلّفته من أضرار نفسية ومعنوية. نحاول سبر آراء الشارع من خلال ما تراكم في عقولنا من حوارات يومية، ونطرح هذه الحوارات والآراء على لسان شخصيات العمل» يقول الممثل الشاب يامن حجلي في حديثه إلى «الأخبار» مضيفاً: «نتطرق إلى جوانب هي الشغل الشاغل بالنسبة إلى الشعب السوري في هذه الأيام، مثل الغلاء المعيشي وارتفاع بعض السلع ثلاثة أضعاف. كل ذلك من خلال مفردات الأزمة التي كرّست حواراً يتكرر عشرات المرات يومياً. وقد ساهم ذلك في التأثير سلباً في معنويات كل الناس». إذاً، سيكون المشاهد في رمضان على موعد مع العمل الوحيد الذي قد يخاطب وجدان الجمهور بوحي من أحداث الأزمة السورية وتبعاتها.