بغداد | لعلّها من اللحظات النادرة في المشهد الثقافي العراقي أن يؤسّس أدباء تجمّعات على الفايسبوك، لتنتقل نشاطاتهم وحواراتهم الى العالم الواقعي بين تجمّع شعري يقام صباح كل يوم جمعة في بغداد، وآخر ينوي إطلاق صندوق لدعم المثقفين في الحالات الطارئة. هكذا، بادر عدد من الشعراء العراقيين أخيراً إلى إطلاق مجموعة «دع البلبل يتعجب» التي تهتمّ بتراث الشاعر رعد عبد القادر (1953 ـــ 2003) وتحمل عنوان أحد دواوينه. الشاعر زاهر موسى (1982) صاحب المبادرة يقول لـ«الأخبار» إنّ «هدف المجموعة هو استعادة تجربة شاعر عراقيّ مختلف حلّق مع السرب السبعيني بأفق خاصّ به». تشكّل المجموعة ساحة لتبادل الآراء وأرشفة كل ما يتعلّق بالشاعر الراحل، ومناسبة لتعريف الجيل الجديد به. مثلاً، وضع الشاعر محمد مظلوم رابطاً لمقال رثاء نشره سابقاً إثر رحيل عبد القادر. المجموعة شكّلت أيضاً ساحة لشعراء باعدهم الشتات، فوجدوا في هذا المنبر فسحة تلاق كلطفية الدليمي، وجليل حيدر، ولؤي حمزة عبّاس، وفاضل الخياط، وأحمد الشيخ علي ...
أبرز التعليقات التي أثارت نقاشاً طويلاً، دعوة الشاعر عبد الزهرة زكي إلى تأسيس «صندوق رعد عبد القادر» الذي يهدف إلى جمع التبرعات الشهريّة من الأدباء والمثقفين القادرين، وخصوصاً أنّ رعد عبد القادر مات كضحية سريعة للمرض، في وقت فيه كان عدد كبير من أعماله لم يُطبع بعد. لذا، فمهمّة الصندوق هي العمل على عدم تكرار تجربة رعد وعدم اضطرار الأدباء والمثقفين «إلى انتظار منح الحكومات وعطاءاتها». ويبحث عدد من الشعراء سبل إنشاء هذا الصندوق لنقل العمل في «دع البلبل يتعجب» الى الواقع بعدما أبصر النور في الفضاء الافتراضي.
وعلى الفايسبوك أيضاً، أسّس شعراء من أجيال مختلفة تجمّع «مرسى»، في إشارة الى مرسى شاطئ دجلة في شارع المتنبي في بغداد، حاملاً شعار «أرجوك ... تعال اسمع واقرأ شعراً على دجلة قبل أن يجفّ». ويقضي التجمّع بإقامة أمسية كل يوم جمعة تخصّص لقراءة قصائد شعراء عراقيين وعرب. وقد خُصِّص اللقاء الأول لقراءة نصوص رعد عبد القادر. هذه المبادرات الفردية التي تشهدها مواقع التواصل الاجتماعي تبرهن مجدداً على تصميم أدباء العراق وفنانيه على الحياة والعطاء والتفاعل، رغم كل الدمار المحيط ببغداد.