دمشق | يبذل ناشطون سوريون جهوداً مضاعفة هذه الأيام. ينطلقون من فكرة أنّ العنف الذي يعصف ببلادهم يحتاج إلى التسلح بجرعات مفرطة من الإنسانية لمواجهة شلال الدم الهادر. فرح حويجة خريجة كلية العلوم في «جامعة دمشق»، التي أتمت الماجستير في علم الإدارة البيئية في إيطاليا، وتشغل منصب مستشارة بيئية في إحدى شركات النفط، تعدّ واحدة من هؤلاء الناشطين المسكونين بالهاجس الإنساني. سبق لفرح أن تعرضت لاعتقال دام 40 يوماً، على خلفية ما يحدث في سوريا. وعلى مدار سنوات طويلة، كانت تفكر في ابتكارات تركّز على حلول للاستفادة من بعض مخلفات الحياة، حتى إنّها كانت تشاهد ذات مرة فيلماً سينمائياً فأدهشتها فكرة لمعت في أذهان أبطال الشريط: كان هؤلاء أطفالاً يحضّرون لحفل تخرجهم من المدرسة، لكنّهم يواجهون مشكلة مالية، فيجدون الحلّ في جمع النفايات من بعض الأحياء وفرزها، ثم بيع ما يمكن بيعه وينجحون في جمع المبالغ اللازمة لهم.

في ذلك الوقت، أي قبل ثلاث سنوات، قررت حويجة أن تقلد الأطفال لتربط بين خبرتها في شؤون البيئة ونشاطها الإنساني والاجتماعي؛ فأطلقت مشروعاً لجمع أغطية عبوات المياه المعدنية والغازية، ثم بيعها للمعامل. أما الأموال التي تحصل عليها من جراء بيع هذه الأغطية، فتشتري بها كراسي ومعدات طبية خاصة بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. «استطعنا حتى اليوم شراء 136 كرسياً للأطفال المعوقين، وعشرات طاولات وقوف، وأدوات وألعاب خاصة بهم» تقول فرح حويجة في حديثها مع «الأخبار». وتضيف: «فوجئت بكمّ الاهتمام الذي لقيه المشروع، والتعاطف الذي يحصده من الشعب السوري، الذي يبدو مستعداً دائماً لتقديم المعونة والعمل الخيري رغم كل الجراح والأحداث التي يمرّ بها».
ويلقى مشروع الناشطة السورية صدىً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصاً الفايسبوك، حيث كتب الناشط والأمين العام لـ«المجلس المركزي لشؤون المعاقين في سوريا» حازم إبراهيم عن مشروع حويجة على صفحته الشخصية، مشيداً بهذه المبادرة الإنسانية.