العزف على الوتر المحافظ من التقنيّات الناجعة التي قد تسهم في إنجاح برنامج تلفزيوني أو الترويج لمسؤول سياسي. تقضي الوصفة السحريّة باللعب على العلاقة الملتبسة التي تربطنا كبشر بالممنوع، بين انجذاب ونفور. هكذا في قلب الأزمة يتمّ استحضار «الفضيلة» لإلهاء الناس، والاستنجاد بالحكايات «الصادمة» والأفعال «المشينة» التي تنتزع آهات الاستنكار من مواطنين صالحين متحلّقين حول شيخ طريقة، أو… جالسين أمام التلفزيون. ثم يأتي من يطعن برمحه المقدّس غول الفحشاء والرذيلة، فنتنفّس الصعداء، وتعود الأمور إلى نصابها. هذا الغول ليس سوى الجنس لحظة انتقاله من دائرة السرّي والحميم، ليصبح استعراضاً، أو لنقل لحظة إفلاته من الأطر المرسومة له في زمان ومكان محددين.
خلال الموسم الماضي، أطلق الإعلام الطفيلي في لبنان موضة جديدة، هي التحريض على صالات السينما «المشبوهة» التي يمارس فيها «الشذوذ والدعارة»، بعد وشاية من مؤسسة إعلاميّة، أو بمواكبة لايف من تلك المؤسسة. وأطرف ما في الحكاية أن المحطّة التي تقف وراء المبادرة، تدّعي الليبراليّة والانفتاح، إلى درجة التسامح مع العدوّ الإسرائيلي وأنصاره، تحت راية الدفاع عن حريّة التعبير. لكن «الحريّة» تقف عند حدود تلك السينما البائسة في طرابلس قبل ٣ أشهر، أو قرينتها في النبعة التي نقلت المحطّة الطليعيّة مساء السبت بالصوت والصورة واقعة اقتحامها من قبل القوى الأمنية، وختمها بالشمع الأحمر بعد اعتقال 36 من روّادها بتهم واهية لا يقبلها المنطق في القرن الحادي والعشرين. تحميل هذا المكان الذي يرتاده الفقراء فوق طاقته، في بلد على حافة بركان عظيم ليس فيه أمن ولا… كهرباء، من ضروب العبث التي يتقنها اللبنانيّون جيّداً. المشكلة في قانون يسمح باغتيال كرامة الناس الذين لا يملكون ترف ذلك النائب «المستقبلي» ولا وسامته. جمعيّة «حلم» تتهيّأ لإصدار بيان إدانة يحمل توقيع جمعيّات وشخصيات من المجتمع المدني. ورئيس «حلم» جورج قزّي أطلق على صفحته على الفايسبوك، فكرة جديدة في لبنان، سجاليّة بالتأكيد لأنّها «تعتدي على الحريّة دفاعاً عنها». هذه الفكرة معروفة في الغرب باسم الـ outing (الإخراج القسري إلى العلن)، وتعتمد فضح المثليّة المحجوبة لشخصيات عامة، سياسيّة أو إعلاميّة، ساهمت بشكل أو بآخر في التضييق على حقوق المثليين والمثليّات، أو شجّعت بسلوكها ومواقفها على «رهاب المثليّة». هل نبدأ بتطبيق هذه اللعبة على فرسان الفضيلة الزائفة؟