على مهرجانات الصيف اللبنانية أن تعيد النظر في برمجتها السنوية، وتحديداً في الجانب المتعلّق بالموسيقى الكلاسيكية. فلتلْغِ الكلاسيك أو فلتحسّنه، لأنّ الأمسيات التي تندرج تحت هذا الإطار باتت كثيرة وتمتد على مدار السنة، والأهم أنّ نوعيتها إلى تحسّن رغم أن البطاقات أسعارها منخفضة نسبةً إلى «التسعيرة السياحية»، هذا إن لم تكن الدعوة عامة. هنا، نشير إلى حركة الجامعات («البلمند»، «الأنطونية»، «الأميركية»، «الكسليك»،…) النشِطة في تنظيم المواعيد الموسيقية، الكلاسيكية تحديداً.

أحياناً تكون الأمسيات عادية، وأحياناً أخرى تكون استثنائية، كتلك التي تقدّمها «الجامعة الأنطونية» ضمن نشاط دوريّ أطلقته منذ فترة بعنوان «موسم موسيقى الحُجرَة» (علماً بأن الأعمال الأوركسترالية غير مهمَّشة). بعد حفلات عدة، تضيف الجامعة إلى سجلها موعداً فاجأ محبّي البيانو ومتتبّعي أخبار المواهب الصاعدة في مجال العزف المنفرد. هكذا دعت (بالتعاون مع «المركز الثقافي الروسي»، و«الجامعة الأميركية في بيروت» التي تستضيف الأمسية) الفائز بالمرتبة الأولى في «مسابقة تشايكوفسكي — 2015» (فئة البيانو) بعد أسابيع قليلة من إعلان نتائج الدورة الحالية من المسابقة الروسية المرموقة التي تجرى كل أربع سنوات.
لذا، أولاً، نبارك للروسي الشاب ديمتري ماسلييف حيازته هذا الوسام الرفيع الذي وضعه سريعاً على سكة النجومية العالمية والاحتراف. ثانياً، تحية لـ«الأنطونية» على الجهود التي بذلتها لتنظيم أمسية لماسلييف، علماً بأنّ الفوز بالمرتبة الأولى في مسابقات عالمية ينتج منه انشغال فوق العادة للفائز بفعل الدعوات التي تنهال عليه من الجهات المهتمّة. ثالثاً، نلفت انتباه الجمهور اللبناني إلى ضرورة حضور هذه الأمسية للأسباب الآتية: الضيف استثنائي، البرنامج الذي سيقدّمه ممتاز من كل النواحي (فهو ممتعٌ جداً ويرضي الهواة والمتطلّبين)، وأخيراً، الدعوة عامّة!
تميل هذه الأمسية، بوضوح، إلى الرومنطيقية (وما بعدها) إذ تطغى أسماء رموز القرن التاسع عشر على البرنامج: شومان، شوبرت، لِيسْت، سان-سانس، تشايكوفسكي وحتى رخمانينوف الذي يمكن اعتباره رومنطيقياً من خارج الحقبة. لكن الأمسية تُستَهَل بأبي الحقبة الكلاسيكية، هايدن، إذ يؤدي ماسلييف واحدة من آخر وأجمل السوناتات (رقم 58) التي تركها المؤلف النمسوي الكبير. بالمناسبة، وزّعت «الأنطونية» روزنامة نشاطاتها لـ«موسم موسيقى الحُجرَة». سيكون لنا وقفات عدّة مع هذه الأمسيات، فبعضها لا يمكن تخطيه، إن كان لناحية الأعمال التي سنسمعها و/أو لناحية مَن سيؤديها. وأجمل ما في هذه الروزنامة أنّ الموعد المقبل مخصّص لموزار (مع ثلاث قمم في فئتها من ترسانته الضخمة)… وآخر العنقود أيضاً (حبة الكرز على قالب تاريخ الموسيقى)!

أمسية لـ«ديميتري ماسلييف»: الثامنة من مساء اليوم ـــ «أسمبلي هول» (الجامعة الأميركية في بيروت). للاستعلام:
[email protected] .