غزة | هل كان لفلسطين عملة يوماً ما؟ وكيف كان شكل تلك العملة قبل النكبة عام 1948؟ أسئلة كثيرة تتبادر إلى ذهننا مع اقتراب الإعلان عن «دولة فلسطين». حين نسأل أستاذ التاريخ أحمد الحاج (1933)، لا يحدّثنا بفخر عما كان يعرف بالجنيه الفلسطيني. يشعر بالخجل لعدم وجود عملة أو طابع فلسطيني صدر خارج نطاق الاحتلالات المتعاقبة. فلسطين لم تكن دولة مستقلّة يوماً. يبدأ بالحديث عن العملة العثمانية التي تم تداولها في فلسطين خلال حكم السلطنة، ثمّ الجنيه المصري الذي استخدم خلال الحكم المصري. يشير هنا إلى أنّ الفلسطينيين سمّوا العملة الجديدة «مصاري» للتمييز بينها وبين العملة العثمانية. عام 1917، تم الاعتراف بفلسطين «كوطن قومي لليهود» ضمن وعد بلفور المشؤوم، ثمّ وقعت فلسطين تحت الانتداب البريطاني. حينها، تمّ إصدار عملة سمِّيت «الجنيه الفلسطيني» كتبت عليها «فلسطين» بالعربية والإنكليزية، وكتب عليها «أرض إسرائيل» بالعبرية!
لم يكن الحاج تجاوز العاشرة في تلك المرحلة، ويتذكر شكل ذلك الجنيه بدقّة. فقد طُبع بإصدار معدني، على شكل قرص ذهبي، يشبه الجنيه البريطاني والعثماني. وكانت النساء الثريات يضعن سلسلة من الجنيهات الذهبية المخرمة فوق رؤوسهنّ للتحلّي بها. حتّى إنّ بعضهنّ كنّ يستخدمنه لربط غطاء الرأس. كما صدر الجنيه أيضاً بطبعة ورقيّة، متعددة الفئات. ورقة الأربعة جنيهات كان لونها أحمر، وورقة الخمسة جنيهات كان لونها بنياً مخضراً. أما ورقة الجنيه الواحد، فكانت خضراء، كما يتذكّر الحاج. ويتذكر أيضاً شكل الطوابع البريدية قبل عام 1948، كأنّه يراها فعلاً أمام عينيه. كانت هناك طوابع بريدية صدرت باسم الانتداب البريطاني على فلسطين، بُدلّت أثناء الحكم المصري بطوابع بريدية مصرية كتب عليها فلسطين. ينتهي الحاج من سرد كل ذلك بحزن. استذكار تلك «المهزلات» التاريخية، كما يصفها، لا يفيد «فلسطين لن يعيدها إلا تحريرها، وليس استذكار طوابع وجنيهات صنعها المحتل».