لم تكد تخمد عاصفة الوزير السابق أشرف ريفي بعد توقيف قوى الأمن الداخلي أحد مرافقيه، للاشتباه في مخالفته الأنظمة والقوانين العسكرية، حتى هبّت هذه العاصفة مجدداً بين أنصاره ليل أمس، بعدما ترددت معلومات في عاصمة الشمال عن صدور قرار بخفض عدد مرافقي اللواء المتقاعد.
وقالت مصادر أمنية إن وزارة الداخلية أصدرت قراراً بخفض عدد الدركيين والرتباء والضباط العاملين في قوى الأمن الداخلي، والموضوعين بتصرف ريفي، من نحو 60 عسكرياً إلى نحو 20. وتجدر الإشارة إلى أن وجود نحو 60 عسكرياً لحماية المدير العام السابق للأمن الداخلي أمر مخالف للقوانين والتعليمات المعمول بها في قوى الأمن.

شمل القرار الرائد محمد
الرفاعي المسؤول عن أمن
ريفي وحامل أسراره
فالقانون يفرض وضع عسكريَّين لا غير لحماية الضابط المتقاعد برتبة لواء، فيما أصدر ريفي قبل إحالته على التقاعد قراراً منح فيه نفسه 15 عسكرياً وضابطاً لحمايته. وأثار صدور القرار موجة استياء واستنكار بين أنصاره الذين تبادلوا أمس رسائل على وسائل التواصل الاجتماعي، شنّوا فيها حملة على وزير الداخلية نهاد المشنوق. والأخير لم يُصدر القرار بنفسه، بل أصدره مجلس الأمن المركزي قبل ساعات من مغادرة المشنوق بيروت إلى الرياض في عداد الوفد المرافق لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون. وشمل القرار أيضاً نقل الرائد محمد الرفاعي من مجموعة حماية ريفي. والرفاعي هو المسؤول عن امن ريفي وكاتم أسراره، وسبق أن أثيرت مشكلة إثر الاشتباه في وجود صلة له بفضيحة سرقة أموال المحروقات في قوى الامن الداخلي في عهد المدير العام السابق للامن الداخلي. كذلك تضمّن قرار «الامن المركزي»، الذي يضم قادة الاجهزة الامنية والمدعي العام التمييزي ويرأسه وزير الداخلية، باسترداد السيارات التابعة لقوى الامن الداخلي والموضوعة بتصرف ريفي.
ولا بد أن يقرأ الأخير بتأنٍّ توقيت القرار، وخاصة أنه عُمِّم مع وجود المشنوق في المملكة العربية السعودية. لكن الأمر سيشكّل مادة دسمة لريفي، الذي سيحاول استثماره في المعركة الدائرة بينه وبين الرئيس سعد الحريري، رغم تحييده الأخير عن الهجوم، امتثالاً لقرار سعودي تبلّغه الوزير السابق للعدل، ويقضي بمنح رئيس تيار المستقبل فرصة للعمل بهدوء، ما دفع ريفي إلى تصويب سهامه على المشنوق وحده.
هذا القرار الذي غُلِّف بخفض مرافقي عدد من الشخصيات، لا يمكن أن يصدر من دون غطاء مباشر من الرئيس سعد الحريري، ويعني رسالة شديدة الوضوح من رئيس تيار المستقبل بنيته شن الحرب على «المتمرّد عليه» بكل الأسلحة المتاحة.
هذه الحادثة أتت لتصبّ المزيد من الزيت على نار انقسام فريق 14 آذار وتشرذمه، منذ أن قرر رئيس تيار المستقبل تأييد انتخاب النائب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، إقراراً منه بالعجز عن انتخاب رئيس من خارج دائرة حلفاء حزب الله. ورغم هامشية الحدث، فإن اللقاء الذي جمع أمس رئيسي حزبَي الوطنيين الأحرار دوري شمعون والكتائب سامي الجميّل، يدلّ، إضافة إلى صراع ريفي ــ الحريري، على مدى التصدّع الذي وصل إليه الائتلاف الذي نشأ يوم 14 آذار 2005. وتشير مصادر في واحد من المكونات السابقة لـ»فريق 14 آذار» إلى أن الجميّل، الذي بدأ يستشعر هجوماً قواتياً يهدف إلى إلغائه، يبحث عن أي حليف يدعمه، ولو كان غير ذي تأثير في المشهد السياسي والشعبي، كشمعون.
على صعيد آخر، تطغى الزيارة التي يقوم بها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والوفد الوزاري المرافق له إلى دول الخليج، على ما عداها من ملفات داخلية، يتقدّمها قانون الانتخابات الذي يسابق موعد انتهاء ولاية مجلس النواب الحالي، ودعوة الهيئات الناخبة. وفيما تترّكز الأنظار على النتائج التي يُمكن أن تنجم عن زيارة عون للسعودية، وانعكاس ذلك زخماً إضافياً على العهد، بكل أبعاده السياسية والاقتصادية، انتقل رئيس الجمهورية أمس إلى دولة قطر، والتقى أميرها تميم بن حمد آل ثاني. ويسود بيروت ترقب كبير لما ستخرج به زيارة عون للدوحة، خصوصاً بعدما أفادت مصادر سياسية بأن «مسألة العسكريين المخطوفين لدى تنظيم داعش لم تغب عن المحادثات، كذلك قضية المطرانين المخطوفين في حلب يوحنا إبراهيم وبولس يازجي». وبحسب المصادر، «كان الرئيس عون قد وعد أهالي العسكريين المخطوفين في لقائه الأخير معهم بأنه سيحمل معه خلال زيارته ملفاً يتضمن آخر المعلومات بشأنهم، ويبحث مدى إمكانية قطر للمساعدة فيه، نظراً إلى الدور الإيجابي الذي لعبته الدوحة سابقاً في ملفات تتعلق بمختطفين لبنانيين». وربطت المصادر حديثها بالموقف الذي أطلقه أهالي المخطوفين بعد لقائهم الرئيس عون قبل سفره عن «وجود معطيات جديدة لا يُمكن الكشف عنها»، وعن «أخبار إيجابية سنسمعها في المستقبل القريب».
حكومياً، عقد مجلس الوزراء أمس أول جلسة له برئاسة الحريري، نظراً إلى وجود رئيس الجمهورية خارج البلاد. وفيما لم يتضمّن جدول أعمال الجلسة أي بنود دسمة، لفتت مصادر وزارية إلى أنها جلسة «لايت»، جرى فيها تأجيل عدد من البنود، باعتبار أن عدداً من الوزراء خارج البلاد، ولا يمكن إقرارها لأنهم معنيون بها. وقد أرجئ البند المتعلق بالنظام المالي الخاص بهيئة إدارة قطاع البترول إلى جلسة أخرى، نظراً إلى غياب وزير المالية، رغم الاتفاق عليه سابقاً مع وزير الخارجية جبران باسيل. كذلك ناقش الوزراء مسألة النازحين السوريين، وإمكانية وضع خطة جديدة للتعامل مع هذا الموضوع بعد إضافة وزير الاقتصاد ووزير الدولة لشؤون اللاجئين إلى اللجنة الوزارية التي كانت تتابع الملف.
بدوره، أكد الرئيس نبيه برّي أن المجلس النيابي مقبل على ورشة عمل ناشطة ومكثفة للتشريع والرقابة، مشيراً خلال لقاء الأربعاء النيابي إلى أنه «عازم على عقد جلسات محاسبة مكثفة للوزارات عدا عن الجلسات التشريعية للتعويض عن مرحلة التعطيل السابقة».
من جهة أخرى، استمرت السفارة الإيرانية باستقبال المعزين بوفاة الرئيس الإيراني السابق أكبر هاشمي رفسنجاني. وحضر معزياً أمس تيمور وليد جنبلاط، على رأس وفد من الحزب التقدمي الاشتراكي. وكان لافتاً أن الصورة التي وزّعها الحزب التقدمي الاشتراكي عن الزيارة، أظهرت جنبلاط مصافحاً رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين، لا أحد أركان السفارة الإيرانية.
على صعيد آخر، علّق النائب السابق فيصل الداوود على هجوم النائب وليد جنبلاط على النظام الانتخابي النسبي، بالقول: «إن النحيب الذي يستخدمه جنبلاط والتحذير الذي يطلقه عن مكون طائفي سيندثر مع النسبية، هو الخداع في عينه ولا ينطلي على أحد، فالدروز يشكون من هيمنته عليهم على مدى أربعة عقود، وشبابهم يصرخون من البطالة التي سببها لهم، وعائلاتهم تئن من الفقر الذي ترزح تحته، لأنه لم يقم بواجباته تجاه الطائفة التي تزعمها، دون أن يبني مصانع أو ينشئ مؤسسات ويقيم مستشفى أو جامعة، وهو جنى الأموال من صندوق المهجرين ووزارات تسلمها وإدارات رأس عليها محازبيه».