بدأت الشاحنات المحملة بجزء من نفايات بيروت بالوصول إلى معمل معالجة النفايات في صيدا (أي بي سي). هذه العملية تجرى بموجب اتفاقية وُقّعت الأسبوع الماضي بين بلدية بيروت (ممثلة بمحافظ بيروت زياد شبيب) ورئيس بلدية صيدا محمد السعودي، وتقضي بوضع العقد المبرم مع الشركة المشغلة للمعمل "أي بي سي ـ زنتوت" موضع التنفيذ. يمتد هذا العقد على ثلاث سنوات، ويقضي باستقبال المعمل نحو 250 طناً يومياً. يقول السعودي إن المعمل "قادر على استيعاب 500 طن يومياً، منها 200 طن تنقل إليه من صيدا و16 بلدية في اتحاد بلديات صيدا والزهراني، بالإضافة إلى مخيم عين الحلوة". في المقابل، تدفع بلدية بيروت 6 ملايين دولار لبلدية صيدا وتدفع للمعمل 95 دولاراً على الطن الواحد.
تعود قصة هذه الاتفاقية الى منتصف آذار من العام الماضي، عندما أقر مجلس الوزراء خطة معالجة النفايات، التي نصت على توريد جزء من نفايات العاصمة الى معمل صيدا، في مقابل حوافز مالية لبلدية صيدا. يومها، صرّح السعودي بأن "موافقة البلدية معلّقة حتى تصدق الحكومة بوعدها وتدفع 8 ملايين دولار للبلديات المشاركة في الحل، كما جاء في الخطة".

بقيت الموافقة معلّقة إلى أن تبلورت صيغة الاتفاقية الحالية، التي نوقشت في لجنة البيئة النيابية مطلع العام الجاري، وباركها وزير البيئة طارق الخطيب، فيما أعلن رئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر موافقة ديوان المحاسبة على العقد بين بلدية بيروت والشركة.
يوضح السعودي أن "مبلغ 8 ملايين دولار خفض إلى 5 ملايين، ثم رفع الى 6 ملايين بعد إصراري على الحصول على مبلغ مقبول". هذا المبلغ سيسدد من موازنة بلدية بيروت على الشكل الآتي: 25% تدفع خلال أيام من تاريخ وصول أول كمية نفايات إلى المعمل، و25% ستدفع على أربع دفعات فصلية متساوية خلال السنة الأولى من الاتفاقية. و25% خلال السنة الثانية ومثلها خلال السنة الثالثة.
كذلك ستدفع بلدية بيروت الى الشركة نحو 23 ألفاً و750 دولاراً يومياً، أو ما لا يقل عن 8.7 ملايين دولار سنوياً. يُفترض أن يساهم هذا العقد بالحد من تراكم النفايات في شوارع العاصمة، ولكنه ينقل المشكلة الى صيدا، في ظل التشكيك الجدّي بالمعالجة الجارية في المعمل.
يؤكد متابعون أن كميات من النفايات غير المفرزة ترمى كما هي في البحيرة التي نتجت من ردم البحر بمحاذاة المعمل.

يتم ردم البحر
بكميات من النفايات
غير المفروزة
يصر السعودي على أن العمل في المعمل "يسير على أحسن ما يرام"، ويذكر أنه توصل منذ أشهر إلى صفر نفايات بعدما بدأ بإرسال جزء منها إلى معمل في قب الياس لاستخدامها وقوداً صناعياً، فيما يُستخدم جزء آخر من العوادم في صناعة أحجار للبناء ورصف الطرقات وتعبيدها، استفادت منه أخيراً بلدية بقسطا. لكن السعودي يستدرك بالقول: "النفايات التي تدخل إلى المعمل تصبح مسؤوليته وليست مسؤوليتنا (...) والبلدية تشارك بالإشراف عبر شركة استشارية تدعى بيرو فاريتاس".
إلا أن رئيس بلدية صيدا السابق عبد الرحمن البزري، الذي شيّد المعمل في عهده، رفع شكوى ضد إدارة المعمل، وطالب بلدية صيدا الحالية بإظهار الأثر البيئي لطمر جبل النفايات في البحر، منبّهاً من إدخال نفايات إضافية وطمرها بشكل عشوائي في البحر.
تبدو شركة "أي بي سي – زنتوت" الرابح الأكبر. يقول مديرها العام نبيل زنتوت إن «المعمل تملكه شركة خاصة ردمت الأرض واستصلحتها وشيدت المعمل لتصبح طاقته اليومية 500 طن، بينما هو يعمل الآن بطاقة تراوح بين 250 و300 طن، ويستخدم 200 موظف وعامل بين مهندسين وإداريين وعاملين في الفرز والمعالجة». التصريحات التي أعقبت اللقاء بين وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق من جهة، والسعودي والمهندس المسؤول في المعمل سامي بيضاوي من جهة أخرى، توحي بأن الثمن الذي ستقبضه الشركة أكثر بكثير من 95 دولاراً على الطن الواحد يومياً. فقد طلب بيضاوي من المشنوق المساعدة في إتمام تخصيص الأرض التي شيّد فوقها المعمل للشركة. هذه الأرض التي تشكلت من الردم، ستؤول إلى أصحاب الشركة بعد وقت من تشغيل المعمل بحسب العقد الموقع بين الشركة ووزير الأشغال العامة والنقل الأسبق نجيب ميقاتي، لكنها لم تخصص حتى الآن.