كان يُمكِن لجلسة تشريعية، يُدعى إليها بعد أكثر من عام على تعطيل العمل المؤسساتي، أن تكون أكثر نشاطاً. لكن يبدو واضحاً أن العطلة النيابية التي قضاها أصحاب السعادة خارج أروقة مجلس النواب، لا تزال سارية المفعول عند أكثرهم.
لم ينعكس زخم العهد الجديد حيوية على عملهم، لا بل على العكس، حيث تبيّن خلال الجلسة التي عقدت مع افتتاح الدورة الاستثنائية أمس، أن معظمهم لم يطّلع على بنود جدول الأعمال، ولم يدرس موادها، حتى ظهر بعضهم وكأنهم يناقشون ما لا يفقهون به، وباتوا بحاجة الى إعادة تأهيل تشريعي.
مع ذلك انفتحت شهية النواب على الكلام من باب الأوراق الواردة. من تحدث منهم أعاد التذكير بمواقف سبق أن كررها عشرات المرات، وهي التي كسرت وحدها رتابة النقاش في بنود جامدة، أبرزها مالية وضريبية، وأخرى روتينية عن علاقات لبنان ببعض الدول. وقد غاب عنها أكثر الملفات أهمية، وهي المتعلقة بقانون الانتخابات والموازنة وسلسلة الرتب والرواتب، لتحلّ محلها مجزرة قتل طيور النورس، على لسان النائب أنور الخليل، وتنظيف مجرى نهر الليطاني الذي أثاره النائب نواف الموسوي، وأزمة النفايات التي دعا النائب روبير غانم إلى تشكيل لجنة للتحقيق فيها، إضافة إلى التعويضات المالية لأصحاب المنازل والمصالح المهدّمة جراء عدوان تموز2006 التي طالب كل من النواب قاسم هاشم وياسين جابر بتّها، والاهتمام بملف الألياف الضوئية ووضعه موضع التنفيذ الذي أشار إليه النائب هاني قبيسي. يتيماً بدا قانون الانتخابات الذي لم يتناوله عدد من النواب سوى من باب المزايدة والسباق على الظهور، فيما انصرف عدد قليل منهم للإضاءة على ملفات تُعدّ حساسة وضرورية، منها ملف الإنترنت غير الشرعي، الذي سأل النائب علي عماّر عن دور القضاء فيه وعدم سجن المتورطين الحقيقيين، سائلاً عمّا إذا كان رئيس مجلس إدارة محطة تلفزيون «المر» أقوى من الدولة، وملفات أخرى تعني المواطنين، أبرزها «طبابة الأسر الفقيرة في المستشفيات»، التي أثارها النائب علي فياض، حيث تناول «حال المستشفيات الحكومية والفقراء الذين يتسوّلون الأسرّة على أبوابها»، فيما قدّم النائب إبراهيم كنعان مداخلات مقتضبة، أكد فيها ضرورة إقرار قانون إعفاء تركات عائلات شهداء القوى المسلحّة وفق صيغة لجنة المال. وعند طلب الحكومة استرداد قانون تثبيت المتعاقدين، رفض كنعان الأمر، مؤكداً أن القانون أشبع درساً ويجب إقراره، وأن إفلاس الدولة ليس مسؤولية أصحاب الحق مثل المتعاقدين، متساجلاً مع الرئيس فؤاد السنيورة حوله. وقد حصل كنعان بحسب معلومات «الأخبار» على وعد من الرئيس سعد الحريري بإنهاء الدراسة خلال أسبوع. وكان مجلس النواب قد أقرّ المشاريع المتعلّقة بإبرام اتفاق إطاري للتعاون مع حكومة السنغال، وبانضمام لبنان الى اتفاقية ميناماتا بشأن الزئبق، وبإبرام بروتوكول ناغوتا بشأن الحصول على الموارد الجينية والتقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدامها، الملحق باتفاق التنوع البيولوجي. كذلك صدّق على إبرام اتفاقية التعاون في مجال التعليم العالي والبحث العلمي مع حكومة جمهورية كوت ديفوار، وعلى الاتفاقية التجارية مع حكومة جمهورية الاكوادور. ومن القوانين التي صادق عليها، المشروع المتعلّق بفرض ضرائب على الشركات المساهمة، والمشروع الرامي الى تعديل المواد 41 و48 و86 و94 من قانون الدفاع الوطني، والمشروع المتعلّق بتعديل فقرة في قانون رسم الانتقال المرتبط بإعفاء تركات شهداء ساحة الشرف والواجب والخدمة من القوات المسلحة كافة من رسم الانتقال. كذلك صادق على إبرام الاتفاقية الاقليمية الاورومتوسطية حول قواعد المنشأ في إطار اتفاقية الشراكة الاورومتوسطية مع التحفّظ على كلمة «إسرائيل» الواردة في المشروع، بعدما طلب الرئيس بري ذلك باسم المجلس. وأقرّ المجلس الإجازة للحكومة بقبول التعديلات المدخلة على المادتين الثامنة والثامنة عشرة من معاهدة إنشاء مجلس التعاون الجمركي، وإضافة بند الى المادة 47 من قانون ضريبة الدخل، وإبرام اتفاقية النظام الاساسي للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA)، وتعديل ملاك ديوان محكمة الاستئناف المذهبية الدرزية العليا، وإضافة بندين الى المادة 60 من قانون الضريبة على القيمة المضافة، وتنظيم مزاولة المهن البصرية في لبنان، وعقد اتفاقية مع الانتربول، فيما رد المجلس مشروع إعفاء الأبنية المشغولة من الدولة من بعض الرسوم البلدية، ومشروع متعلّق بإضافة فقرة على المادة 80 من قانون الرسوم والعلاوات البلدية، وهو ينصّ على إعفاء الأبنية المستأجرة من قبل الدولة من بعض الرسوم البلدية، وهو ما رأى فيه النائب حسن فضل الله إجحافاً بحق البلديات. وقد أخذ هذا البند حيّزاً كبيراً من النقاش، أيّد فيه كل من النائبين سامي الجميل وجورج عدوان كلام فضل الله، وخاصة لناحية لفته أنظار زملائه إلى كون الدولة تدفع مبالغ طائلة سنوياً كبدل إيجارات (10 ملايين دولار سنوياً لمبنى الإسكوا وحده)، وكان في مقدروها استخدام هذه الاموال لبناء مجمّعات للدوائر الرسمية.
أما الجلسة المسائية، فقد استهلت بإعادة طرح مشروع القانون المتعلق بتنظيم مهنة النفساني في لبنان، الذي ترك جانباً بناءً على طلب النائب نواف الموسوي لتوضيح بعض النقاط التي عرضها الموسوي مع وزير الصحة العامة غسان حاصباني، وطرحت التعديلات التي تفرّق بين النفسي والتربوي والعلاجي والعيادي. ثم طرح المشروع على التصويت فصدّق معدلاً، بعد أن سقط اقتراح للنائب غسان مخيبر، ويتعلق باستخدام التعبيرات المرنة للتفريق بين المصطلحات والمتعلقة بالطب النفسي.
ثم طرح مشروع القانون الوارد بالمرسوم رقم 11266، ويتعلق بفتح الاعتمادات الاضافية اللازمة لتسديد المبالغ المستعملة من سلف خزينة معطاة خلال عام 2012، وتغطية المبالغ المدفوعة كفوائد قروض وسندات خزينة خلال العام ذاته، فطالب النائب فؤاد السنيورة بأن تحل السلف منذ عام 2005، فطالب النائب سامي الجميّل بأن يكون هذا المشروع جزءاً من الموازنة العامة ما دامت هناك نية لإنجاز الموازنة.
ولفت وزير المالية علي حسن خليل إلى أن «واجب الحكومة تسوية الحسابات، وأن هذا المشروع لا علاقة له بالموازنة، وهو عمل إداري»، قبل أن يطلب الرئيس الحريري إعادته الى الحكومة، فوافق المجلس على سحبه. وأقرّ المجلس الاقتراح المتعلق بأصول التعيين في وظيفة أستاذ تعليم ثانوي في المدارس الرسمية، وتعيين جميع الناجحين في المباراة التي أجريت في العامين 2008 و2015.