عندما جرى تعيينه في عام 2000، في عهد وزير المال آنذاك جورج قرم، كان بيفاني المدير العام الأصغر سناً في تاريخ الجمهورية اللبنانية، إذ لم يكن قد بلغ عامه الثاني والثلاثين. عدّ اختياره بمثابة ضخ لروح الشباب في الادارة العامّة التي كانت، ولا تزال، تعاني من ترهّل شديد، وتضرب فيها "الشيخوخة". لم يكن العمر هو العنصر الوحيد للترحيب بتعيينه يومها، بل أيضاً استحواذه على المؤهلات اللازمة، كونه متخرّج في معهد الدراسات العليا التجاريّة في باريس، وصاحب خبرة إدارية ومالية في العديد من المؤسسات. ولكن وجود عنصر شاب ومؤهل في إدارة خاضعة بالكامل لسيطرة السياسيين وحساباتهم الخاصة، لم يسمح بإحداث التغيير الذي سعى اليه بيفاني، بل جعله يبدو في كثير من الاحيان كمن يغرّد خارج السرب.
أمضى بيفاني
نحو 17 عاماً مديراً للمالية العامة
يشغل بيفاني منصبه منذ 17 عاماً. عاصر ثلاثة عهود رئاسية و11 حكومة، وعمل مع 9 وزراء ماليّة مختلفين. لعب أدواراً لافتة من موقعه الاداري، ولا سيما على صعيد اقتراح الاصلاحات الضريبية وإعادة تكوين حسابات الدولة المالية منذ عام 1992، والدفع باتجاه العودة الى الاحكام الدستورية والقانونية لجهة وضع موازنة عامّة سنوية وشاملة ضمن المهل المحددة، فضلاً عن عمله وفريق الوزارة على مجموعة من الاستراتيجيات والبرامج والقوانين، التي اعتبرتها الدولة الفرنسيّة من الإنجازات المهمّة لمنحه أهمّ أوسمتها.
يخضع منح الوسام لمجموعة من المعايير: 1- المسار المهني للشخص المنوي تكريمه. 2- مساهمته في تقوية العلاقات الفرنسية – اللبنانيّة. 3- ومساهمته في نشر الفرنكوفونيّة. بالفعل، ساهم بيفاني في تعزيز التعاون بين الإدارتين الفرنسيّة واللبنانيّة، والاستفادة من الدعم التقني والتمويل الأوروبي لإدارة الدين العام، ومراقبة الالتزام الضريبي، وإعداد الموازنة وتنفيذها، وتعزيز الشفافيّة الضريبيّة التي أخرجت لبنان من احتمال وضعه على اللوائح السوداء... كذلك ساهم في تجيير العلاقات مع المؤسّسات الدوليّة (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي والبنك الأوروبي للاستثمار) من أجل إدارة الأزمات في الفترة 2005 – 2009، التي تلت اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وكذلك في فترة ما بعد 2011، في ظل الحرب السوريّة وانعكاساتها الماليّة والاقتصاديّة على لبنان (مع زيادة تدفّق النازحين إليه).
عندما تولى بيفاني مهماته في وزارة الماليّة، توقّع البقاء لمدّة لا تتجاوز السنوات الخمس، لكنّه أمضى حتى الآن نحو 17 عاماً، وهو ما زال ينادي بالافكار نفسها، التي كررها في حفل تكريمه: "الحاجة الى تصحيح النموذج الاقتصادي القائم، محاربة الفساد، زيادة الانتاجية والاستفادة من الموارد المتاحة وتنوّعها"، معتبراً أن لبنان "أصبح مثالاً للأمور التي تسير من دون أي عوائق وكذلك للأمور التي لا تسير أبداً".