قدّم وزير المال علي حسن خليل تقريراً مرفقاً بمشروع قانون موازنة عام 2017، أشار فيه إلى أن "ميزان المدفوعات تابع انحداره رغم التحسّن الآني الذي طرأ بعد الهندسات المالية لمصرف لبنان، واستمرّ عجز الحساب الجاري بمستويات مرتفعة قاربت 17% من الناتج المحلي، كذلك انعكس ذلك أيضاً ضغطاً على المالية العامة وارتفاعاً لنسبة الدين العام من الناتج وضغطاً على العجز في المالية العامة وارتفاعاً للمديونية الخاصة لدى الشركات والأفراد".
وجاء في التقرير أنه "رغم تحقيق المصارف مداخيل كبيرة من جراء العمليات مع مصرف لبنان، إلا أن مستوى سيولة القطاع بالعملات الأجنبية تراجع".
اراد خليل من هذا التقديم لمشروعه أن يبرر إدراجه لأكثر من 27 بنداً ضريبياً، ولا سيما ما يتعلق منها بأرباح المصارف. أشار في هذا السياق إلى أن "الحاجات التمويلية للدولة اللبنانية بدأت ترتفع بسبب الظروف المحيطة بلبنان". واستخدم شمّاعة النازحين السوريين ليعلّق عليها أنها "أكلت حتى الآن أكثر من 35% من الناتج المحلي ككلفة مباشرة وغير مباشرة".
انطلاقاً من ذلك، يقترح خليل سلّة ضرائب مقترحة تؤمن إيرادات إضافية بقيمة 2436 مليار ليرة، بعضها يصيب أرباح المودعين والمصارف وتجار العقارات والبناء ومحتلي الأملاك العامة وتوزيعات الأرباح على المساهمين في الشركات... ولكن معظمها يصيب المستهلكين من الطبقات الوسطى والمنتجين (ولا سيما زيادة الضريبة على القيمة المضافة ورسم الاستهلاك على المازوت والمشروبات الروحية والإسمنت ورسوم الطابع على فواتير الاتصالات والسجل العدلي وغيرها ورسوم السير والميكانيك وخروج المسافرين... إلخ)... اللافت أن الطبقات المتوسطة والمنتجين لا يمتلكون صوتاً يعبّر عن مصالحهم، في حين أن الهيئات الاقتصادية التي تمثل كبار أصحاب الرساميل هي التي حددت وجهة نقاش هذه السلة الضريبية، وأشاعت خطاباً "شعبوياً" رافضاً لها بالمطلق، فيما هي تركز على رفض أي اقتطاع ضريبي إضافي يصيب الأرباح المحققة.

يصل عجز
الموازنة الى 7843 مليار ليرة لبنانية


بحسب تقرير خليل، خلص في مشروعه لموازنة عام 2017 إلى سيناريوهين حسابيين لا يختلفان لجهة السلة الضريبية، بل يتضمن أحدهما مبلغاً في احتياطي الموازنة بقيمة 1200 مليار ليرة لتغطية كلفة تعديل سلسلة الرتب والرواتب في القطاع العام، فيما السيناريو الثاني يخلو من هذا البند:
السيناريو الأول ـ يقدّر مجموع النفقات بنحو 24 ألفاً و702 مليار ليرة في مقابل إيرادات بقيمة 16 ألفاً و858 مليار ليرة، أي بعجز إجمالي قدره 7 آلاف و843 مليار ليرة، أو ما نسبته 31.75% من النفقات.
السناريو الثاني ـ يقدَّر مجموع النفقات بنحو 23 ألفاً و502 مليار ليرة، أي من دون 1200 مليار ليرة مخصصة للسلسلة، فيما تقديرات الإيرادات بقيت كما في السيناريو الأول، إلا أن العجز الإجمالي قدّر بنحو 6 آلاف و643 مليار ليرة أو ما نسبته 28.27% من النفقات.
تبلغ مجمل الإيرادات الضريبية في المشروع نحو 13406 مليارات ليرة، والإيرادات غير الضريبية نحو 3451.8 مليار ليرة، بالإضافة إلى واردات استثنائية بقيمة 7844 مليار ليرة (أي الدين الجديد).
وفي باب النفقات، يتبيّن أن النفقات الجارية ارتفعت إلى 22553 مليار ليرة (مع احتساب 1200 مليار ليرة للسلسلة) أو إلى 21353 مليار ليرة (من دون احتساب السلسلة)، وهي تمثّل في الحالة الأولى نحو 91.3% من إجمالي النفقات، تاركة 8.7% للنفقات الاستثمارية، التي بلغت قيمتها 2148 مليار ليرة.
في السيناريوهين، تبلغ كلفة خدمة الدين العام (الفوائد) نحو 7 آلاف و100 مليار ليرة، وهي بقيت خارج أي نقاش كما لو أنها تحصيل حاصل، علماً أنها تشكّل مصدر الاستنزاف الأساسي في الموازنة، وتمثّل قناة أساسية لتحويل الثروة من المجتمع إلى الأثرياء.
وارتفعت كلفة الرواتب والأجور وملحقاتها بسبب استمرار التوظيف الجديد في القطاع العام، سواء في السلك العسكري أو الإداري. فقد جرى تضمين توظيفات جديدة في: دوائر الإفتاء، المحاكم الشرعية الجعفرية، الأجهزة العسكرية، وزارة الداخلية، وزارة العدل، وزارة الخارجية، محافظات الشمال والجنوب والبقاع وعكار، وزارة المال، المديرية العامة للشؤون العقارية، المديرية العامة للتنظيم المدني، وزارة الزراعة، وزارة التربية والتعليم العالي، المديرية العامة للنفط، وزارة السياحة، وزارة البيئة، المديرية العامة للثقافة.
ويخصص المشروع اعتماداً بقيمة 58 مليار ليرة لتسديد نفقات المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وكذلك يخصص 650 مليار ليرة لتسديد ديون وتعويضات الاستملاكات. أما التحويلات إلى مؤسسة كهرباء لبنان، فقدرت بنحو 2100 مليار ليرة، أي إنها تساوي السقف الأعلى للمبالغ الممكن تحويلها من الخزينة اللبنانية.