علمت «الأخبار» أن آخر صيغ قانون الانتخاب التي يجري بحثها حالياً بين مختلف القوى السياسية قدّمه وزير الخارجية جبران باسيل. الصيغة «الباسيلية» الأخيرة أدخلت تعديلات أساسية على مشروع القانون التأهيلي الذي طرحه رئيس مجلس النواب نبيه بري. وهي تقوم على الاقتراع على مرحلتين: أولى تأهيلية ـــ طائفية في دوائر مختلطة وسطى وفق النظام الأكثري، ويُختار من خلالها المرشحان الأولان عن كل مقعد؛ وثانية وفق النسبية مع صوت تفضيلي مقيّد بالقضاء.
ويقسّم الاقتراح الجديد الدوائر الانتخابية إلى 14، بمعدل ثلاث دوائر لكل من المحافظات التاريخية، باستثناء بيروت التي قُسّمت الى دائرتين، مع مراعاة ضرورة الاختلاط الطائفي وألا يقل عدد مقاعد أي دائرة عن خمسة، وذلك وفق الآتي:
ـــ الشمال ثلاث دوائر: تضم الأولى الأقضية المسيحية الأربعة، زغرتا والكورة والبترون، وبشري مع المنية ــ الضنية، والثانية في طرابلس والثالثة في عكار.
ــــ جبل لبنان ثلاث دوائر: كسروان ــــ جبيل، المتن ــــ بعبدا، وعاليه ــــ الشوف.
ــــ البقاع ثلاث دوائر: البقاع الشمالي، زحلة، والبقاع الغربي.
ــــ الجنوب ثلاث دوائر: تضم الأولى صيدا وجزين، والثانية الزهراني وصور، والثالثة النبطية وبنت جبيل ومرجعيون وحاصبيا.
ــــ بيروت دائرتان: واحدة تضم بيروت الأولى والثانية، والأخرى تضم بيروت الثالثة.
وتتضمن المرحلة الأولى من الاقتراع تصويت أبناء الطوائف المسلمة للمرشحين المسلمين وأبناء الطوائف المسيحية للمرشحين المسيحيين، على أن يتأهل الأول والثاني عن كل مقعد الى المرحلة الثانية التي يصوّت فيها المقترعون للوائح بالنظام النسبي مع صوت تفضيلي مقيّد بالقضاء. وهذا يحول دون تأثير الناخبين من خارج القضاء. ففي دائرة صيدا ــــ جزين، على سبيل المثال، لا يحق لناخب قضاء جزين المسيحي أو الشيعي إعطاء صوته التفضيلي للمرشح السني في قضاء صيدا، رغم أن الجميع يقترعون في الدائرة نفسها، والعكس صحيح أيضاً. ويحول ذلك، مثلاً، دون أن تصب الأصوات الشيعية في جزين لمصلحة رئيس التنظيم الشعبي الناصري أسامة سعد وغيره على حساب مرشّحَي تيار المستقبل. فيما قد يمكّن الصوت التفضيلي في صيدا المستقبل من الاحتفاظ بمقعديه. والأمر نفسه ينطبق على أماكن أخرى، كالمقعد الشيعي في بعبدا. إذ يمنع الصوت التفضيلي المحصور ناخبي المتن الشمالي من التأثير على المرشح الشيعي في القضاء.
وقالت مصادر في التيار الوطني الحر لـ «الأخبار» إن هذه الصيغة تحتمل تعديلات تراعي وحدة المعايير، كخفض عدد الدوائر الى عشر (اثنتان لكل من المحافظات التاريخية). ولفتت الى أن الاقتراح هو «الأخير في سلسلة الصيغ التي قدمها التيار للوصول الى قانون انتخاب لعدم ايصال البلد الى الفراغ»، مشيرة الى أن التيار «موافق على كل الخيارات المطروحة ويتعامل بمرونة مطلقة حتى لا نترك ذريعة لأحد. وعلى الجميع أن يدرك أنه ليس هناك قانون يمكّن كل طرف من أخذ كل ما يريده».
الاقتراح الجديد، بحسب المصادر نفسها، هو «خليط من أفكار قدمها الجميع، ويحاول مراعاة هواجس مختلف الأطراف ويمنع طغيان طائفة على أخرى»: فالتأهيل على أساس طائفي طرحه أصلاً الرئيس بري، والنسبية كاملة في كل الدوائر مطلب لغالبية الأطراف، وتقييد الصوت التفضيلي في القضاء يريح تيار المستقبل والنائب وليد جنبلاط. كما أن جعل عاليه والشوف دائرة واحدة هو مطلب للزعيم الاشتراكي الذي يمكنه أيضاً أن يكتسح داخل الطائفة الدرزية في المرحلة الأولى التي تجري وفق النظام الأكثري، وأن يحتفظ بمقاعد مسيحية في المرحلة الثانية اذا تحالف مع تيار المستقبل. وعند المسيحيين، يعطي الاقتراح كل من يمتلك حيثية تمثيلية محلية (كالنائب بطرس حرب مثلاً) فرصة التأهل، والفوز في المرحلة الثانية بالصوت التفضيلي في حال أهّلته حيثيته التمثيلية لذلك. «وهذا يعني، عملياً، أنه لا إلغاء لأحد مع حصر المنافسة بالأقوياء وأصحاب التمثيل». ولفتت الى أن تقسيم الدوائر «يراعي التنوع الطائفي وإشراك كل المكونات في مرحلتي الاقتراع، وهو ما حتّم مثلاً جمع المنية ــــ الضنية بالأقضية المسيحية الأربعة لتشجيع أبناء القرى المسلمة في الكورة والبترون على التصويت في المرحلتين».
الأجواء الأولية لا تشير الى توافق الأطراف المختلفة على الاقتراح الأخير. إلا أن المصادر تشير الى «تطرية» من الثنائية الشيعية في ما يتعلق باختيار المرشحين الأول والثاني عن كل مقعد وفق التصويت الأكثري. «وفيما لا سبب عملياً للرفض لدى المستقبل بسبب التطمينات التي يقدمها الاقتراح، لا يفترض أن تكون هناك معارضة شديدة من النائب جنبلاط طالما أن الشوف وعاليه دائرة واحدة، وبعد مقاربته الايجابية الأخيرة حيال اقتراح القانون المختلط». في رأي المصادر نفسها، «لهذا الاقتراح منطقه المتكامل بما لا يترك ذريعة لرفضه».