تبدو البلاد كأنها تعيش آخر أيام مرحلة الوئام التي أرساها انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية. فبعد كلام الأخير عن سلاح حزب الله والمقاومة، وما أتى على لسان الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، في خطابه الأخير، لا سيما لجهة رفع لهجته التهديدية ضد العدوّ الإسرائيلي وانتقاد موقف الدول الخليجية من القضية الفلسطينية ومشاركتها في العدوان على اليمن، بدأت تلوح في الأفق بوادر أزمة وطنية، تعيد إلى الأذهان مشهد الاصطفاف بين فريقي 8 و14 آذار قبل تبدّل التحالفات، إذ لم تغب هذه المواقف عن تصريحات عدد من الشخصيات التي سعت إلى تطويق تداعيات الخطاب، في محاولة لرفع المسؤولية عن نفسها.
وقد كان رئيس الحكومة سعد الحريري أول المبادرين، إذ أكّد في مستهلّ جلسة مجلس الوزراء أمس أن «حصانة لبنان تصونها علاقاته الممتازة بالعالم العربي وعلى رأسه المملكة العربية السعودية». وحاول تيار المستقبل الضغط على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من زاوية الرد على خطاب نصرالله، فأصدر بياناً أمس وضع فيه «مواقف نصر الله بِرَسم العهد». ورأى «المستقبل» أن حزب الله «شديد الانزعاج من احتضان السعودية وقيادتها الحكيمة للعهد».

الكتائب إلى الشارع اليوم
مطالبة بانتخابات في موعدها وفق قانون جديد


ولا تبدو الأجواء المحيطة بقانون الانتخابات أفضل حالاً، إذ يواصل المعنيون البحث فيه، في وقت يمهّد فيه تباعد وجهات النظر وعدم الاتفاق على أي من الصيغ المطروحة لأزمة سياسية تحت ضغط المهل القانونية لدعوة الهيئات الناخبة في 21 الجاري. ولم يطل الوقت حتى بدأ التوتر ينعكس على مواقف القوى السياسة من قانون الانتخابات، وجعلها تُفكّر جدياً في العودة إلى تحالفاتها الماضية. أولى الإشارات عكستها مواقف القوات اللبنانية التي أكّدت مصادرها «رفض الصيغة الجديدة التي طرحها الوزير جبران باسيل لقانون الانتخابات، وأدخل بها تعديلات أساسية على مشروع القانون التأهيلي الذي طرحه رئيس مجلس النواب نبيه بري». وفي حين نفت المصادر لـ«الأخبار» كل ما يُحكى عن «قرب ولادة القانون الجديد»، أشارت إلى «أننا ما زلنا نؤيّد الصيغة المختلطة، لأنها تؤمّن نحو 54 مقعداً للمسيحيين، في حين أن اقتراح باسيل يؤمّن 45 مقعداً فقط». أما الجديد في كلام مصادر معراب، الذي يمثّل علامة فارقة في تحالفات ما بعد الانتخابات الرئاسية، هو تأكيدها أن «هذا الرفض مرتبط أيضاً بعدم موافقة تيار المستقبل والحزب الاشتراكي على اقتراح باسيل». وقالت: «هذا الطرح لا يتناسب ومصلحة الرئيس الحريري لأنه سيزيد من حظوظ المعارضين له»، مشيرة إلى «أننا لا نزال نصرّ على صيغة المختلط التي اتفقنا عليها مع الحريري والنائب وليد جنبلاط، فلماذا علينا أن نتخلّى عن الحريري وهو لم يتخلّ عنا؟». كذلك لفتت المصادر إلى أنه «لا تواصل سياسياً جدياً بشأن قانون الانتخابات، حيث يطغى استحقاق الموازنة العامة على غيره من الاستحقاقات». الموقف نفسه أتى على لسان مصادر نيابية في «المستقبل»، أكدت «التمسك بالقانون المختلط مع القوات اللبنانية»، مشيرة إلى «وجود العديد من الملاحظات والاعتراضات على طرح باسيل»، خصوصاً أنه «لا يراعي هواجس الجميع، فهو يقسّم بيروت إلى دائرتين وليس إلى ثلاث، ويبقي البقاع على حاله، وتكون عكار دائرة وحدها وكذلك طرابلس».
وقد لفت باسيل أمس، في عشاء هيئة «المهندسين» في التيار الوطني الحر، إلى أن «قوانين الانتخاب عملية حسابية تمثيلية، وليس معقولاً ألا نتمكن من إنجاز قانون انتخاب لأن البعض لا يفهم بالحسابات». ورأى أن «من يقول إن النظام الأكثري (في الانتخابات) يحفظ الأقلية والنسبية تلغيها، يحتقر عقلنا الحسابي الهندسي»، لافتاً إلى أنه لا يستطيع من تمثيله 6 نواب أن يجعلهم 13 غصباً عن كل البلد، فهذا ليس لبنان وهذا ليس التعدد والتنوع الذي نؤمن به».
في هذا الإطار، دعت مصلحة الطلاب والشباب في حزب «الكتائب» إلى تحرك ظهر اليوم في ساحة النجمة، للمطالبة بـ«إقرار قانون جديد للانتخابات وإجراء الانتخابات النيابية في موعدها من دون تمديد أو تأجيل».
من جهة أخرى، وفي سياق التدخلات الخارجية في الشأن الانتخابي اللبناني، أعربت وزيرة الداخلية البريطانية آمبر رود، في رسالة إلى نظيرها اللبناني الوزير نهاد المشنوق، عن أملها بالنجاح في التوصل إلى قانون جديد للانتخابات النيابية في لبنان مقبول من كافة الأطراف اللبنانية. رود اعتبرت في الرسالة أن من المشجّع إجراء الانتخابات النيابية هذا العام في لبنان. وأكدت رود أن بريطانيا ستتابع دعم الجهود لمواجهة التحديات الأمنية في المطار وتأمين سلامة خدمات الملاحة واستمرارها في بيروت.