لم يتأخر كثيراً القرار الظني لقاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا ليجيب عن التساؤلات المطروحة في قضية «انتحاري الكوستا» عمر العاصي. ولا سيما بعد حملة التشكيك التي طاولت الإنجاز الأمني الذي حققته استخبارات الجيش بإحباط عملية انتحارية لتنظيم «داعش» كادت تودي بالعشرات ليل 21 من الشهر الفائت. وكشف القرار الظني بعد شهر على توقيف العاصي قصة تجنيده في صفوف تنظيم «داعش»، وصولاً إلى اختياره لتنفيذ عملية انتحارية. وعن سبب اختيار مقهى الكوستا، ردّ المدعى عليه في خلال الاستجواب: «لأن روّاد المقهى من مناصري حزب الله والنصارى».
العاصي الذي كان أحد أنصار أحمد الأسير قبل أن يبايع أبو بكر البغدادي، سجل المبايعة صوتياً وأرسلها بواسطة التلغرام، ومن ثم صورها وأرسلها للمزيد من الثقة والاطمئنان لصدق نيته. واعترف بأنه كان يتابع إصدارات «داعش» ويدخل إلى صفحات التنظيم على مواقع التواصل الاجتماعي، محاولاً التواصل مع أمرائه للالتحاق بهم لاقتناعه بوجوب الجهاد. وفي أوائل عام 2016 أنشأ حساباً على تويتر سمّاه أبو محمد اللبناني وغرد: «نحن نموت في لبنان ذلاً ولم أعد أحتمل، لأن الدولة اللبنانية هي للشيعة والنصارى». وطلب العاصي المساعدة للسفر إلى سوريا أو العراق. لم يمرّ وقت طويل لتصله رسالة من شخص يدعى «ليلّو»، طلب منه إغلاق حسابه على تويتر وإنشاء آخر على التلغرام، ففعل تحت اسم «ويسو». أما كيف جند «ليلو» العاصي؟ فذكر القرار أنه أقنع عمر بأنه لا يستطيع مساعدته للانتقال إلى سوريا، وعرض عليه بدل ذلك أن يقوم بعملية انتحارية في لبنان. واستمهل المدعى عليه «ليلو» للتفكير ثم وافق مبرراً موافقته بالقول: سأفوز بالآخرة وأحظى بالعزة. طلب ليلو من العاصي متابعة حياته العادية والاستعداد النفسي والتقيد بالسر والكتمان إلى حين اختيار التاريخ والوقت والمكان. مرّ وقت قبل أن يتصل به بواسطة التلغرام في 21 كانون الثاني، وسأله: «هل أنت مستعد؟»، فردّ بالإيجاب. طلب القيادي الداعشي منه الصلاة والتوجه نحو جامع الحريري في صيدا ليجد هناك سيارة تنتظره ويقول كلمة السر «شركة بيبلوس». وإذا هزّ السائق برأسه يكمل القول: «يلي صبر بيوصل». انطلق السائق بالسيارة لتتوقف بعد مسافة قصيرة ليسلمه حزاما ناسفاً، ويساعده على ارتدائه ووضع الصاعق في يده. وأبلغه أنَّ الهدف هو مطعم الكوستا. وصل الانتحاري إلى الكوستا بسيارة تاكسي، تمشى أمامه ثم دخل وطلب القهوة والشوكولا وتحدث مع إحدى العاملات وراح ينظر إلى الزبائن. سمع لهجة سورية على طاولة بقربه فقال لنفسه: «إشرب قهوتك يا عمر وانسحب وفجّر نفسك بمطعم آخر». وفي هذه اللحظات تعرض لضربة قوية على رأسه وأُغمي عليه ولم يستفق إلا في المستشفى. وفي ختام التحقيق سأل أبو غيدا الانتحاري عمر العاصي عمّا إذا كانت لا تزال لديه النية لتنفيذ عمل إرهابي، فأجاب: «أجل، وسأحظى بالجنة لقاء ذلك».
(الأخبار)