طارت جلسة مجلس الوزراء، أمس، المخصصة لاستكمال مناقشة مشروع قانون الموازنة لعام 2017. لم يقرّ أيٌّ من ممثلي الكتل الأساسية بوجود نيات لتطيير النصاب، إلا أنَّ 19 وزيراً فقط من أصل 30 وزيراً كانوا موجودين في القاعة عندما حان موعد انعقاد الجلسة، عند الخامسة مساءً، في حين أنَّ النصاب يحتاج إلى الثلثين.
يقول أحد الوزراء إنَّ الرئيس سعد الحريري أعرب عن امتعاضه من الغياب غير المبرر لبعض الوزراء، وتأخر وصول البعض الآخر. رفض الانتظار ولو دقيقة واحدة بعد الموعد المحدد، معلناً إلغاء الجلسة. يصرّ الوزير نفسه على أنَّ الوزراء الذين لم يصلوا على الموعد موزّعين على معظم الكتل، وبالتالي لا يمكن اتهام أحدها أو بعضها بتطيير النصاب، ولكن ما جرى يشير إلى ظهور «خفّة» في مناقشة قانون الموازنة، بالحد الأدنى، أو «رغبة» في تأجيل المناقشة بسبب عدم نضج التسوية لإمرار الموازنة وإحالتها على مجلس النواب.

تتضارب وجهات النظر بشأن مصير جلسة العام 2014 التي بقي محضرها مفتوحاً

ما جرى، أمس، ليس معزولاً عن التطورات التي سبقت. الرئيس الحريري، كان قد وجه أول من أمس، رسائل واضحة بأنه لن يسير بالضرائب المقترحة في مشروع الموازنة، وبالتالي ليس مستعداً لبتّ أمر سلسلة الرتب والرواتب للعاملين في القطاع العام الآن، وكرّر معارضته الشديدة لأي ضريبة إضافية على أرباح المصارف وشركات الأموال وأرباح المتاجرة بالعقارات، كذلك أعلن مساندته لتحركات المصارف المعترضة على إعادة النظر بإعفائها من الضريبة على الفوائد، ومطالبتها باستمرار السماح لها بتنزيلها من ضريبة الأرباح والتهرب من موجباتها ومطالبتها أيضاً بعدم إلغاء قرار وزير المال السابق فؤاد السنيورة، الصادر في عام 2004، الذي أعفى الفوائد على سندات الدين وشهادات الإيداع بالدولار من الضريبة خلافاً لنص القانون. جاءت رسائل الحريري متزامنة مع موقف «مفاجئ» أطلقه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع. الذي رفض أي مشروع للموازنة لا يتضمن خصخصة الكهرباء. يجزم مصدر وزاري بأنَّ وزراء القوات لم يطرحوا مثل هذا الشرط في جلسات مناقشة الموازنة، بل تصرفوا بمرونة فائقة وناقشوا الإجراءات الضريبية ووافقوا على أن يلحظ مشروع الموازنة نحو 1200 مليار ليرة كاعتمادات مخصصة لتعديل السلسلة. يقول هذا الوزير إنَّ الأكثرية في مجلس الوزراء الحالي تميل إلى خصخصة الكهرباء، ولكن طرحها كشرط مسبق لإمرار الموازنة غير مبرر، ولا يمكن فهمه إلا في سياق تصعيد الضغوط من أجل تطيير الموازنة أو تطيير الإجراءات الضريبية، والسلسلة منها.
يقول مصدر آخر إن موقف القوات ليس سوى «فقاعة» دخانية و«خطوة سياسية ناقصة»، لأنه ليس لدى القوات أصوات كافية لتعطيل إقرار الموازنة التي تتضمن بنداً وحيداً عن الكهرباء والتحويلات المالية إليها. ويشير هذا المصدر إلى أنَّ مناقشة الخصخصة لا يمكن أن تمرّ ضمن مناقشة الموازنة، بل تتطلب جلسات خارج إطار مشروع موازنة 2017.
في هذا الوقت، ظهر تطور لافت في مجلس النواب، إذ دعا الرئيس نبيه بري إلى عقد جلسة للجان النيابية المشتركة عند العاشرة والنصف من صباح الاثنين في 6 آذار المقبل، وذلك لمتابعة درس سلسلة الرتب والرواتب. هذا التطور يتعارض مع ما أُشيع في الأسبوع الماضي عن نية الرئيس بري استكمال جلسة 14 أيار 2014 التي لا يزال محضرها مفتوحاً، والتي علّقت بعد إقرار تصويت الأكثرية لمصلحة الإجراءات الضريبية المقترحة والبدء بإقرار بنود السلسلة على أساس مشروع اللجنة النيابية برئاسة النائب جورج عدوان، في ظل اعتراضات من قيادة الجيش ورابطة أساتذة التعليم الثانوي على ما يخصهما فيها.
مصادر في مجلس النواب توضح أنَّ دعوة اللجان المشتركة بدلاً من الهيئة العامة جاءت بعدما تبيّن أنَّ الجلسة المفتوحة منذ عام 2014 لم يعد لها وجود قانوني بعدما عقدت جلسات تشريعية أخرى بعدها، وبالتالي إنَّ مفاعيلها معنوية متصلة بتصويت الكتل عليها من دون إمكانية الزام أحد بتصويته السابق. لكن مصادر أخرى أوضحت أنَّ هذا التفسير هو «اجتهاد» لا أكثر، إذ إنَّ الجلسة التي عقدت في 14/5/2014 لا تزال مفتوحة ولم يغلق محضرها، وبالتالي فإن الأمر لا يتعلق بحالة نظامية، بل بتعثر إمرار مشروع الموازنة نفسه.
(الأخبار)