يبدو رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مصرّاً على فرض رؤيته في ما خصّ ملفّ الكهرباء، بعد أن تابع أمس حملته الإعلامية لتسويق فكرة خصخصة القطاع، وطرح عنوانٍ شعبي رنّان هو كهرباء 24/ 24. ومن على منبر «جهاز التنمية المحلية في القوات»، الذي أقام أمس «مؤتمراً تنمويّاً» في كسروان، لم يوفّر جعجع وزير الطاقة سيزار أبو خليل، مظهراً التيار الوطني الحرّ، من دون أن يسمّيه، وكأنه يمنع الكهرباء الدائمة عن اللبنانيين إذا لم يكن متحمّساً للخصخصة! كذلك هاجم جعجع «الأخبار»، واصفاً إياها بـ«الصحافة الصفراء».
ولكي يجمع جعجع الشواهد على صوابية طرحه بضرورة خصخصة قطاع الكهرباء، لم يجد غير اللجوء إلى تجربة «كهرباء زحلة»، مفاخراً بهذا «الإنجاز» الذي لا فضل له فيه، مع أنه ليس إنجازاً في الأصل.
هكذا إذاً، يترك رئيس القوات كل الأزمات التي تعصف بالبلاد، وأولاها العجز عن الاتفاق على قانون انتخاب، ليحوّل الأنظار نحو ملفٍّ واحد هو الكهرباء، في الوقت الذي كان فيه الملفّ، ولا يزال، ملفّ التيار الوطني الحرّ أوّلاً.
وللعلم، فإن «كهرباء زحلة» التي يفاخر بها «الحكيم»، ليست أكثر من «موتور» كبير للمدينة، بدل الموتورات الصغيرة، مع فارق وحيد، أن جابي فواتير الكهرباء في المناطق الأخرى لا يجبي في طريقه فواتير «الموتورات» أو «الاشتراك» كما يحصل في زحلة، مع العلم بأن قيمة الفاتورتين الاجمالية هي من أكبر الفواتير في لبنان، وليس العكس.

التعيينات الأمنية في جلسة الحكومة المقبلة وحسم تعيين العميد جوزف عون قائداً للجيش

وهي لا توفّر على المواطنين فلساً واحداً ممّا يمكن أن توفّره الدولة القويّة، إذا ما استثمرت هي في القطاع، علماً بأن جعجع يحاضر ليل نهار بالدولة القويّة، وهو يعترض على سلاح المقاومة ويطالب بتقوية الدولة بدلاً منه، في ظلّ عجز استراتيجي لبناني وعربي عن مواجهة إسرائيل بالأنظمة الرسمية، بينما تهون عليه الدولة في طرحٍ كطرح الخصخصة. وعدا عن أن الأرقام التي ذكرها جعجع في مؤتمره الصحافي، على الأقل «غير دقيقة»، فإن 13 مليون دولار من عجز كهرباء لبنان سنويّاً مردّه إلى «كهرباء زحلة» بنسبة مليون ومئة ألف دولار شهريّاً، من دون أن يوفّر الأمر على المواطنين. وللعلم أيضاً، فإن الفضل في «كهرباء زحلة» يعود لرئيس جهاز الأمن والاستطلاع السوري في لبنان اللواء الراحل غازي كنعان، ومن بعده اللواء الراحل رستم غزالة. فَيَوْم قرّرت الدولة اللبنانية رفع تعرفة سعر «الكيلواط» للامتيازات من 50 ليرة إلى 75 ليرة بسبب ارتفاع أسعار النفط، ضغط كنعان على الرئيس الراحل رفيق الحريري، طالباً منه إبقاء التعرفة لكهرباء زحلة بـ50 ليرة لـ«الكيلواط» الواحد، وهكذا كان، فَلِمَ ردّ جعجع «الفضل» إليه في كهرباء زحلة بدل ردّها للواء كنعان، ما دام معجباً بلمساته في قطاع الكهرباء؟ وللإضافة، فإن الامتيازات التي حصلت عليها عدّة شركات في عام 1923 من المفوّض السامي الفرنسي، تنتهي في عام 2018، فهل يفتح جعجع المعركة من الآن للحفاظ على إرث الفرنسيين، أم أنه حريص على إرث كنعان وحده؟
ومع أن جعجع ذكر في كلمته أن «صلابة العلاقة والتفاهم بين الوطني الحر والقوات هي من عناد وصلابة ميشال عون ومن عنادي وصلابتي أنا»، إلّا أن توجيه السهام صوب أبو خليل ودور التيار الوطني الحرّ في الكهرباء، ليس «رمّانة»، بل «قلوب مليانة» من التباين بين الطرفين حول ملفّ قانون الانتخاب، وما يحكى عن اعتراض التيار الوطني الحرّ على التعديلات التي أدخلها وزير الصحة غسان حاصباني على جدول التعيينات المقترحة في مجالس إدارات مستشفيات المتن وكسروان، إذ علمت «الأخبار» أن ملفّ التعيينات في المستشفيات الحكومية الذي تمّ إنجازه في عهد الوزير وائل أبو فاعور ولم يعرف طريقه إلى الإقرار في مجلس الوزراء، أجرى حاصباني تعديلاتٍ عليه تخصّ مرشّحين مسيحيين كان التيار الوطني الحر قد اختارهم من حصّته واستبدل بعضهم بمرشّحين قواتيين، تاركاً جدول المرّشحين المسلمين من كل المذاهب على حاله، ما أثار اعتراض التيار.
ولم ينسَ رئيس القوّات في كلمته رفع السقف لناحية التلويح بتقديم وزراء القوات استقالاتهم، «إذا شعرنا أننا موجودون في الحكومة دون تغيير الوضع القائم»، محدّداً ما هو «المطلوب» من وزير الطاقة: «قرار من الحكومة بالطلب من وزير الطاقة وضع دفتر الشروط للمناقصة للكهرباء في لبنان في مهلة أقصاها 3 أشهر».
وبعيداً عن حفلات/ حملات رئيس القوات الإعلامية، كرّرت كتلة «الوفاء للمقاومة» تمسّكها بالنسبية الكاملة مع الدائرة الواحدة أو الدوائر الموسعة، داعية النواب الى «الإسراع بمناقشة سلسلة الرتب والرواتب وإقرارها في اللجان، تمهيداً لإقرارها في الهيئة العامة للمجلس». وفيما يبدو ملفّ قانون الانتخاب جامداً، سادت أمس أجواء حاسمة حول ملفّ التعيينات الأمنية، وإمكانية إقرارها في أوّل جلسة لمجلس الوزراء، مع حسم بعض الأسماء مثل تعيين قائد اللواء التاسع العميد جوزف عون قائداً للجيش، ورئيس فرع المعلومات العميد عماد عثمان قائداً لقوى الأمن الدخلي. وعلمت «الأخبار» أن المدير العام للأمن العام اللواء عبّاس إبراهيم، وحال الشّروع في التعيينات الأمنية، سيقدّم استقالته إلى مجلس الوزراء، الذي سيعمد إلى إعادة تعيينه مديراً عاماً للجهاز، لكن بصفة مدني.