على عكس التفاؤل المُتصاعد من جانب النواب المتحدّثين عن «أحقية» إقرار سلسلة الرتب والرواتب، لم تُسجّل جلسة اللجان المشتركة أمس أي تطوّر ملحوظ على هذا الصعيد. وفيما لا يُمكن الاطمئنان إلى ما صرّح به «أصحاب السعادة» بعد الخروج من الجلسة بحسم إقرارها، بدا وصف النائب سامي الجميّل ما يحصل داخل اللجان، بأنه «مسرحية وإهانة للشعب اللبناني»، هو الأقرب إلى الواقع. فالارتباك في شرح وقائع الجلسة يُظهر ما يحصل وكأنه «طبخة بحص» يحتاج إنضاجها إلى عصا سحرية.
وبالتالي، فإن ما شهدته اللجان المشتركة هو إما تضييع للوقت، وإما «رفع عتب». تبقى العبرة في الجلسات المقبلة. وإلى حين التوصل إلى اتفاق سياسي، يبقى الشكّ في إمكانية إقرار السلسلة «واجباً». فالأفعال تشي بأن «السلسلة» قد تدفن إذا استمر ربطها بالإيرادات، إذ تسعى بعض الجهات إلى تطيير اقتراحات الضرائب على المصارف والمؤسسات المالية والعقارية.
اللجان النيابية المشتركة بدأت في جلستها أمس نقاش مواد المرسوم الرقم 10416 الخاص بسلسلة الرتب والرواتب والرامي إلى رفع الحد الأدنى للرواتب والأجور وإعطاء زيادة غلاء معيشة للموظفين والمتعاقدين والأجراء في الإدارات العامة وفي الجامعة اللبنانية والبلديات والمؤسسات العامة. واستُهلّت الجلسة بتساؤلات طرحها النواب بشأن الجدوى من درس اللجان للسلسلة، ما دامت تدرس في مجلس الوزراء، فكان الجواب أن الموازنة تتضمن حصراً الكلفة الإجمالية للسلسلة. اتفق النواب على البدء من النقطة التي انتهى فيها النقاش عام 2014، أي عدم العودة إلى المواد التي أقرّت في الهيئة العامة للمجلس النيابي، مع إبقاء المادة المتعلقة بالجداول الخاصة بأرقام السلسلة أو الزيادة المطروحة على الرواتب، في انتظار تحديث المعلومات الخاصة بأعداد المعلمين والأساتذة والموظفين والعسكريين. وطُلِب من وزير المال علي حسن خليل إعداد الجداول الجديدة وإيداعها اللجان النيابية المشتركة، خصوصاً أن الأرقام التي في متناول أيدي النواب تعود إلى جداول من عام 2013، ولا يُمكن الاعتماد إليها، إذ منذ ثلاث سنوات حتى الآن ازداد عدد المعلمّين والعسكريين بشكل ملحوظ.
وقالت مصادر نيابية لـ«الأخبار»: «بدأنا النقاش من حيث انتهينا، واستعرضنا سريعاً بعض المواد التي أقرّت في الهيئة العامة سابقاً». وبحسب المصادر «أخذت المادة الثامنة المتعلقة بإعطاء 4 درجات لموظفي الإدارة العامة حيّزاً واسعاً من النقاش»، خصوصاً أن «العسكريين طالبوا بإعطاءهم 4 درجات استثنائية على غرار الموظفين الإداريين، وقدمت وزارة الدفاع مشروعاً خاصاً في هذا الإطار، وسيحسم التصويت على هذا البند في الجلسة التي ستعقد (اليوم)، لأن هناك نحو 10 آلاف عسكري جدد». وقالت المصادر إن «بعض النواب وصفوا جدول أعمال الجلسة بالغامض». واستغرب النائبان بطرس حرب وسيرج طورسركيسيان «وضع مجلس النواب يده على السلسلة»، متسائلين «كيف سيدرس المجلس والحكومة السلسلة بشكل متواز؟»، فيما أبدى آخرون تساؤلهم عمّا «إذا كانت الحكومة الحالية تتبنّى السلسلة التي أقرّتها حكومة عام 2013». مصادر أخرى لفتت إلى أن النقاش الجدي حصل حول «شمولية الموازنة»، وتم التركيز على ثلاث نقاط أساسية هي «موضوع الموازنة: حقوق وعدالة، الإمكانيات المتاحة، والإصلاحات المقترحة». عضو تكتّل التغيير والإصلاح النائب سيمون أبي رميا أكد أن «واجب النواب هو إقرار السلسلة، فيما على الحكومة تأمين الواردات». ولفت إلى أن «الجلسات ستنعقد الى ما قبل الجلسة العامة يوم 15 من الشهر الجاري، وفي حال كان هناك جدّية وقرار سياسي سنتمكّن من الاتفاق على السلسلة». تبقى المشكلة في ما أشار إليه النائب نبيل دو فريج، الذي لفت إلى أن السلسلة، في حال إقرارها، سيتمّ تحويلها على لجنة المال لدراستها، وهذا ما يحتاج أقله إلى شهر! وكان قد عُقد صباح أمس اجتماع في ساحة النجمة بين النواب علي حسن خليل، وإبراهيم كنعان، وجورج عدوان، وجمال الجراح وأكرم شهيب، نتج منه تبنّي اقتراح تقدم به كنعان، وهو إعداد جداول جديدة من جانب وزارة المالية لسلسلة رتب ورواتب جديدة.
وفيما تحدّث عدد كبير من النواب بعد الجلسة عن حتمية إقرار السلسلة، غرّد النائب سامي الجميّل خارج السرب، وانتقد ازدواجية مناقشة الإيرادات في مجلس الوزراء ومجلس النواب. ورأى «أننا لن نصل الى مكان سوى المزيد من إضاعة الوقت والشرخ في الحياة المؤسّساتية في لبنان، وما يحصل هرطقة دستورية كبيرة، وعلى الحكومة أن تقرّ موازنة، وعلى المجلس النيابي الموافقة عليها. ورأينا أن يتم وضع السلسلة في الموازنة وتبحثها الحكومة، وبعدها نعطي قرارنا في الموضوع، واليوم يتم رمي السلسلة على المجلس النيابي».