بعد طول انتظار، عبرت «سلسلة الرتب والرواتب»، أمس، من اللجان النيابية المشتركة إلى الهيئة العامّة لمجلس النواب، في مشهد مكرّر عن روح النظام اللبناني البائد، عبر تسويات وتوافقات بين القوى السياسية، لا ترضي أياً من الفئات المستفيدة من السلسلة.
ففي الجانب الضريبي، تنطوي السلسلة على تحميل المستهلكين أعباءً ضريبية إضافية، من خلال التراجع عن عدد من الاجراءات التي اقترحتها الحكومة، على صعيد رفع ضريبة الأرباح وإلغاء الإعفاءات التي تحظى بها المصارف، عبر ضريبة الفوائد وطريقة احتسابها من ضريبة الأرباح. بمعنى آخر، سقط المنطق القائل في اقتراح الحكومة بتحمل المصارف عبء السلسلة، وبدل ذلك عادت الأعباء لتصبّ على كاهل المواطنين عبر رفع الضريبة على القيمة المضافة.
وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن رئيس الحكومة سعد الحريري والمصارف مارسوا ضغوطاً كبيرة على الكتل النيابية واللجان النيابية المشتركة لحماية أرباح المصارف، والمؤسف، أن مجلس النواب أو «مجلس الشعب»، رضخ للضغوط التي تقدّم مصالح المصارف على مصالح «الشعب».

حمادة دعا الأساتذة
إلى العمل على قاعدة «خذ وطالب» وعدم أخذ الطلاب رهائن


ويمكن القول إن الرد الأوّل على السلسلة بصيغتها التي عبّر عنها أمس النائب إبراهيم كنعان، جاء على لسان «رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي»، التي أعلنت ليلاً إضراباً مفتوحاً اعتباراً من اليوم، ودعت الى عقد مجالس المندوبين الاثنين المقبل لتقرير الخطوات التصعيدية، كما دعت إلى اعتصام مركزي، بالتزامن مع انعقاد الجلسة التشريعية لمجلس النواب عندما يحدّد موعدها. ويأتي موقف الأساتذة ليعتبر أن الصيغة التي خرجت بها اللجان النيابية المشتركة لا تحافظ على موقع الأساتذة الثانويين ودورهم الوظيفي، بحيث لم تقرّ الدرجات الست التي يطالبون بها، في حين أعطت اللجان المشتركة درجتين للموظفين الإداريين وثلاثاً للمعلمّين في التعليم الأساسي.
ورفضت الرابطة التقدير الذي حصل عليه الأساتذة الثانويون بالنسبة إلى الدرجات الثلاث (9.9%، باعتبار أن قيمة الدرجة هي 3.3 من أساس الراتب) ونسبة الزيادة (13%) التي نالوها في جداول سلسلة الرتب والرواتب التي أقرتها اللجان النيابية المشتركة مساء أول من أمس.
وفي حين جرى الحديث عن أن رئيس مجلس النواب نبيه بري يتجه للدعوة إلى جلسة تشريعية الأربعاء المقبل، على أن تكون السلسلة أحد البنود على جدول أعمالها، قال برّي لـ«الأخبار» إنه في حال الاتفاق على السلسلة سيعمل على تقريب موعد الجلسة التشريعية.
أمّا وزير التربية مروان حمادة، الذي انسحب من جلسة اللجان اعتراضاً على عدم إعطاء الأساتذة الثانويين حقوقهم، فأكّد أمس أن «السلسلة ستدفع دفعة واحدة من دون تقسيط، وتعتبر نافذة من تاريخ إقرارها»، مشيراً إلى أنه «لم يكن ممكناً زيادة ليرة واحدة على سقف الـ1200 مليار»، داعياً المعلّمين إلى العمل وفق قاعدة «خذ وطالب»، وأن «لا يأخذوا الطلاب رهينة».
والتزمت اللجان النيابية المشتركة بسقف الـ1200 مليار ليرة الذي وضعته الحكومة، وجرى توزيع المبلغ على كل الفئات الوظيفية، فلم تأخذ أي فئة مطالبها كاملة. وارتكزت السلسلة على «لجنة النائب جورج عدوان» التي تشكّلت في 2014، والتي رفضتها هيئة التنسيق النقابية وقتها.
واللافت في ما أعلنه كنعان، أمس، أنه جرى إقرار مواد تتعلّق بالتنظيمات الإدارية، لا سيّما العطلة القضائية وتحديدها بمدة شهر في السنة لكل قاض، على أن يحدد موعدها مجلس القضاء الأعلى. كذلك أُقرّت بعض المواد المتعلقة بساعات العمل الإضافي ونظام التقاعد واستفادة عائلة الموظف المتوفى من المعاش التقاعدي.
وفي ما يتعلّق بتمويل السلسلة، فقد جرى إقرار رفع الضريبة على القيمة المضافة 1%، لتصبح 11%، ورفع الضريبة على الفوائد من 5% إلى 7%، والضرائب على السقوف والطابع المالي والمشروبات الروحية والاسمنت، لكن بعد إدخال تعديلات على الاقتراحات الواردة في مشروع الحكومة. وأمام إصرار النائبين حسن فضل الله وهاني قبيسي على إعطاء درجة واحدة للعسكريين ذوي الدخل المحدود، جرت مناقشة الأمر في جلسة أمس، كذلك جرى إدخال بعض التعديلات بحيث اقتطع من موظفي الفئة الثانية مبلغ 250 ألف ليرة و50 ألفاً من موظفي الفئة الثالثة للرتباء.

فنيانوس: رئاسة الحكومة غير مضمونة للحريري!

وليلاً، فجّر وزير الأشغال العامّة والنقل يوسف فنيانوس سلسلة من المفاجآت، بتأكيده أن رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية لن يزور قصر بعبدا قبل الانتخابات النيابية، كما أنه ليس هناك من اتفاق على تولّي الحريري رئاسة الحكومة بعد الانتخابات. وفي مقابلة مع الزميل مارسيل غانم، وجّه فنيانوس رسائل عدّة إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، داعياً إيّاه إلى متابعة ما يحصل في عهده من أساليب لإقرار التعيينات من دون نقاش مع الكتل النيابية والقوى الممثّلة في الحكومة. كذلك وجّه رسائل انتقاد إلى باسيل من دون أن يسمّيه، مؤكّداً أن الصراع في قانون الانتخاب والانتخابات المقبلة هو حول رئاسة الجمهورية وليس معركة نيابية. وحول ما يقوم به من «تعبيد طرقات» للعلاقة بين الحريري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وإمكانية حدوث لقاء بين الطرفين، قال فنيانوس «لا نزال في مرحلة فلش البحص، ولم يبدأ التزفيت بعد». كذلك كشف فنيانوس عن أربع مزايدات تخصّ وزارته، أهمها مزايدة المنطقة الحرّة في مطار بيروت ومزايدة التجهيزات الأمنية للمطار، متمنيّاً أن «يُسجّل لوزارة الأشغال في عهد تيار المردة أننا قمنا بعقد مزايدات من دون تدخل أحد».