أصدر قاضي التحقيق في بعبدا، القاضي بيار فرنسيس، أمس، مذكرة توقيف وجاهية بحق أحمد أمهز بتهمة تحقير رئيس الجمهورية وكل من رئيسي مجلس النواب والحكومة، وذلك على خلفية منشور كتبه أمهز على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك». وبذلك، يكون القاضي فرنسيس قد أبقى على توقيف أمهز مدة إضافية الى حين بتّ محاكمته.
وكان عناصر من شعبة فرع المعلومات قد أوقفوا أمهز، يوم الثلاثاء الماضي، بعد تعقّبه، وأُحيل الى مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية للتحقيق معه، ومن ثم أُحيل الى قاضي التحقيق في بعبدا.
بحسب رواية والدة أمهز التي نقلها مركز «سكايز»، فإن القوى الأمنية أوقفت أمهز أثناء وجوده في برج حمود، وطلبوا منه التوجه معهم الى المخفر بسبب ضبط سير مُستحق، «ليتبيّن لاحقاً أن هناك مذكرة توقيف بحقه على خلفية كتابته منشوراً يذمّ فيه كلاً من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب».
عقب إصدار القاضي فرنسيس قراره بإبقاء التوقيف، عمد وكيل أمهز المحامي واصف حركة الى استئناف القرار لدى الهيئة الاتهامية وتقديم طلب إخلاء سبيل، إلّا أن الهيئة رفضت طلبه وبقي أمهز موقوفاً، وحُدّد يوم الاربعاء المُقبل موعداً لجلسة محاكمته.
هذا الأمر يطرح تساؤلاً حول تشدّد القضاء في القضايا المُتعلّقة بالرأي «الفايسبوكي»، لتأخذ مسألة الحزم في الإبقاء على الاعتقال طابعاً «تأديبياً» للناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً أن الأعراف القانونية سبق أن قضت بإمكانية إخلاء سبيل المُدّعى عليهم، نظراً الى نوعية التهم الموجهة اليهم، الى حين بتّ محاكمتهم. فلماذا يتم الإبقاء على اعتقال الناشطين إذا لم يكن الهدف «تأديبياً» لغرض سياسي؟
ثمة من يطرح مُقاربة أخرى تتعلّق بـ«استنسابية» سلوك القضاء إزاء هذا النوع من القضايا، حسب الناشطين والأشخاص ومستوى «نُفوذهم» ودعمهم السياسي.

رفضت الهيئة الاتهامية طلب استئناف قرار
إخلاء السبيل



من الناحية القانونية الإجرائية، يوضّح مصدر قانوني لـ»الأخبار» أن النيابة العامة تدّعي على الشخص وتُوعز عادة إلى مكتب جرائم المعلومات بوصفه ضابطة عدلية لإجراء التحقيقات الأولية، ويقوم المكتب بدوره بمخابرة النيابة العامة التي توعز بعدها الى قاضي التحقيق لإجراء المحاكمات.
يقول المصدر إنه يحق لوكيل الشخص المُدّعى عليه من قبل النيابة العامة طلب إخلاء السبيل الى حين بتّ محاكمته. ويُركّز على مسألة ضرورة تعديل قانون العقوبات الذي «يُتخذ ذريعة لتوسيع مروحة اتهام الأشخاص بجرائم الرأي». ينطلق المصدر من هذه النقطة ليُشير الى أهمية تعديل القانون، لافتاً الى المرسوم الاشتراعي الذي كان يسمح بتوقيف الصحافي احتياطاً أمام محكمة المطبوعات، والذي تم تعديله عام 1994، وتم إلغاء حكم توقيف الصحافي والاكتفاء بتغريمه. من هنا، يرى المصدر ضرورة إعادة النظر في العقوبات المُتعلقة بـ»جرائم الرأي». ويُشير في هذا الصدد الى ضرورة الفصل بين جرم القدح والذم وجرم التحقير، لافتاً الى التوسع في الأدلة التي يُقدّمها المدّعى عليه لإثبات ما قد يُعدّ ذماً وقدحاً، سعياً الى عدم تجريمه، فيما يبقى جرم التحقير الذي يمس شخص الأفراد مستقلاً عن بقية الجرائم، مع ضرورة إعادة النظر في العقوبات التي تترتب على ارتكابه. ولكن لماذا يجب تعديل قانون العقوبات في هذه القضايا؟
يشرح المحامي ماجد فياض في هذا الصدد، في اتصال مع «الأخبار»، أن جرائم القدح والذم على «فايسبوك» تختلف عن جرائم المطبوعات، لافتاً الى تبدّل اجتهاد محكمة التمييز التي كانت ترى أن القدح والذم على مواقع التواصل الاجتماعي يندرجان ضمن جرائم المطبوعات، وأصبحت ترى أن القدح «الفايسبوكي» يخضع لقانون العقوبات وليس لقانون المطبوعات. اللافت هو تساؤل فياض حول مدى قانونية إجراء مكتب جرائم المعلوماتية التحقيقات الأولية للمتهمين بجرائم القدح والذم أو التحقير، مُشيراً الى الاجتهادات التي لم تحسم هذا الأمر بعد.