لم تكد تمضي أيام قليلة على انسحاب المسلحين من بلدة سبنا ومزرعة درّة السوريتين، حتى أعلن حزب الله إمكانية عودة عائلات بلدة طفيل اللبنانية إلى منازلهم. البلدة اللبنانية الحدودية، والواقعة عملياً داخل الأراضي السورية (لا تربطها بلبنان طريق معبّدة، وأهلها يتعاملون بالليرة السورية وكل صلاتهم التجارية والاقتصادية والاستشفائية... سورية) سيعود إليها أبناؤها بعدما أصبحت آمنة من خطر المسلحين الذين كانوا موجودين في محيطها، من سبنا إلى مزرعة درة وصولاً حتى مضايا وسرغايا والزبداني.
أكثر من مئة عائلة من أبناء طفيل الذين كانوا يقيمون في مخيم في عرسال، وفي أماكن متفرقة أخرى، سينطلقون صباح اليوم من مدينة بعلبك، من أمام منزل مفتي بعلبك ــ الهرمل السابق الشيخ بكر الرفاعي عبر بلدة بريتال وجرودها، في طريق ما زالت على وعورتها رغم كثرة الوعود بتعبيدها.
أكثر من ثلاث سنوات مضت على مغادرة أبناء طفيل بلدتهم، بعدما أفشل المسلحون الخطتين الإغاثيتين للأهالي، اللتين كانتا بإشراف وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق.

الشيخ الرفاعي: أنا، لا الشيخ يزبك، طالبتُ وزارة الداخلية بأن يكون لها دور في عودة الأهالي

يومها سلبت المساعدات من مؤن غذائية وأدوية طبية من قبل المسلحين، واضطر الأهالي إلى مغادرة بلدتهم وترك أرزاقهم خلفهم. هُزم المسلحون في معركة القلمون في ربيع عام 2014 التي أطلقها حزب الله والجيش السوري، وطردوا من قرى في القلمون، ما خلا بعض الجيوب الجردية في سبنا ومزرعة درة وسهل رنكوس وصولاً حتى مضايا وسرغايا والزبداني. وشهدت المنطقة المحيطة بالبلدة أكثر من مرة محاولات تسلل للمسلحين باتجاه القرى اللبنانية، وتصدى لها مقاتلو حزب الله والجيش اللبناني.
منذ يومين دعا حزب الله رسمياً أبناء طفيل إلى العودة، بعد انسحاب المسلحين كلياً من سبنا ودرة، ولم يعد هناك ما يشكل خطراً على أمنهم، ولا على أمن الأراضي اللبنانية انطلاقاً من محيط البلدة.
بابتسامة عريضة دخل أبناء بلدة طفيل إلى قاعة الشهيد عباس الموسوي في بعلبك، تلبية لدعوة الوكيل الشرعي العام للإمام الخامنئي في لبنان الشيخ محمد يزبك، الذي أكد لهم أن «حزب الله عندما دفع عن لبنان الخطر التكفيري لم يكن ينظر إلى الأمر من منطلق طائفي أو مذهبي، بل من أجل أن يبقى أهلنا من طفيل وعرسال وكل لبنان أعزاء». يزبك أمل أن «يأتي قريباً» اليوم الذي نكون فيه في خدمة أهلنا في عرسال، وأن تكون العودة الى طفيل مقدمة لعودة كل الذين نزحوا من سوريا الى لبنان، والتخلص من كل الفتن».
إلا أن فرحة أبناء طفيل نغّصها بيان وزارة الداخلية والبلديات أمس، إذ أشار المكتب الإعلامي إلى أن الوزير نهاد المشنوق «مع عودة أبناء طفيل اليوم قبل الغد إلى بلدتهم، شرط أن تتوافر لهم شروط العودة الآمنة». وجاء في البيان أن الوزير «يتفهّم حجم معاناة الأهالي منذ خروجهم من بلدتهم»، لكن الوزارة «لا تُكلَّف بتصريحات عبر المنابر ولا بكلمة من سماحة الشيخ محمد يزبك أو من أي حزب أو طرف آخر، وهي تعرف مسؤولياتها الوطنية وكيفية تطبيقها».
المفتي الرفاعي أكد لـ«الأخبار» أن الذي خاطب وزارة الداخلية والبلديات يوم أمس في قاعة الشهيد عباس الموسوي «أنا وليس الشيخ يزبك، وكلامي كان واضحاً بأن يكون لوزارة الداخلية دور في عودة أهالي طفيل كما كان لها دور في موضوع الخطة الإغاثية الأولى والثانية». وكشف أنه حاول التواصل أكثر من مرة مع وزير الداخلية عبر قنوات من أجل موضوع طفيل، «لكنني لم أحصل على الرد، حتى إننا التقينا الوزير المشنوق منذ فترة لدى مطالبتنا ببتّ موضوع رخص البناء في بعلبك، وتطرّقنا إلى موضوع طفيل، وكان واضحاً في إجابته أن الأمر عند حزب الله».
ولفت الرفاعي إلى أن الرعاية التي قصدها في كلمته أمام أهالي طفيل هي «الرعاية المعنوية وليس المادية، ونحن ندرك أن وزارة الداخلية لا تستطيع أن تفعل شيئاً عند وجود مسلحين، ونقصد أن يكون لديها مواكبة في العودة ولا نطالبها بشيء آخر». وخلص الرفاعي إلى أن «المنابر وقنوات التواصل تمكنت من الوصول إلى حل لمعاناة أهالي طفيل بعدما عجزت الدولة عن الوصول إلى نتيجة، وعدم تقديم المساعدات لأبناء طفيل على اعتبار أنهم لبنانيون، ولم تنصفهم الهيئة العليا للإغاثة بدفع تعويضات لهم عن الأشجار المثمرة والبساتين، وأن يعبّد لهم طريق وعدوا به منذ زمن طويل».