إنه لمن عجائب الدنيا حقاً أن ينال شخص، كمناحيم بيغن جائزة نوبل للسلام، تكريماً لسياسته الإجرامية التي تطورت في الواقع كثيراً خلال السنوات الماضية على يد مجموعة من أنجب تلاميذ المدرسة الصهيونية الحديثة، إلا أن الموضوعية تفرض أن نعترف بأن الذي تفوق على الجميع هو الطالب المجدّ أرئيل شارون…المؤكد أن اتفاقيات كامب ديفيد، بالإضافة إلى جائزة نوبل للسلام، تجاوزت شخص بيغن، لتشمل أنجب تلاميذ المدرسة الصهيونية الحديثة، خاصة ناظرها الجديد أرئيل شارون.

جائزة نوبل في السلام فتحت الطريق على مصراعيه لقطع خطوات متزايدة السرعة نحو إبادة الشعب الفلسطيني، كما أدت إلى بناء آلاف المستوطنات على الأرض الفلسطينية المغتصبة..‏
وقد تصادف أن كنت في باريس، عندما ارتكب شارون – بغطاء من جائزة نوبل في السلام – مجازر صبرا وشاتيلا. قتل أثناء الغزو ثلاثين ألف فلسطيني ولبناني، كما تصادف أن كنت في باريس عندما فرض الجنرال ياروزيلسكي سلطة العسكر ضد إرادة الأغلبية من شعب بولندا، أصابت الأزمة البولندية أوروبا بصدمة جعلتها تترنح من الغضب. أنا شخصيًا قمت بالتوقيع على عدد كبير من البيانات التي تندد باغتيال الحرية في بولندا. كذلك، فقد شاركت في الاحتفالية التي أقيمت تكريمًا لبطولة الشعب البولندي، بمسرح بيرادي بار (تحت رعاية وزارة الثقافة الفرنسية). وعلى العكس من ذلك تمامًا ساد نوع من الصمت الرهيب عندما اجتاحت القوات الشارونية لبنان. علمًا بأن أعداد القتلى أو المشردين هناك لا تسمح بأي مقارنة مع ما حدث في بولندا. ظهرت في الحال النظرية السوفيياتية التي تدعو إلى الأخوة بين القوى العظمى على حساب أي شعب أو أي مذابح.‏ هناك بلا شك أصوات كثيرة على امتداد العالم تريد أن تعرب عن احتجاجها ضد هذه المجازر المستمرة حتى الآن، لولا الخوف من اتهامها بمعاداة السامية أو إعاقة الوفاق الدولي.‏
أنا لا أعرف هل هؤلاء يدركون أنهم هكذا يبيعون أرواحهم في مواجهة ابتزاز رخيص لا يجب التصدي لـه بغير الاحتقار. لا أحد عانى في الحقيقة كالشعب الفلسطيني. فإلى متى نظل بلا ألسنة، ولم أجد من يومها من يدعوني إلى أي احتفال ببطولة الشعب الفلسطيني في أي مسرح تحت رعاية أي وزارة.‏
هذا ما يدفعني الآن إلى التوقيع على هذا البيان بشكل منفرد. أنا أعلن عن اشمئزازي من المجازر التي ترتكبها يوميًا المدرسة الصهيونية الحديثة، ولا يهمني رأي محترفي الشيوعية أو محترفي معاداة الشيوعية. أنا أطالب بترشيح أرئيل شارون لجائزة نوبل في القتل، سامحوني إذا قلت أيضًا إنني أخجل من ارتباط اسمي بجائزة نوبل. أنا أعلن عن إعجابي غير المحدود ببطولة الشعب الفلسطيني الذي يقاوم الإبادة. بشكل منفرد، إذن، أنا أوقع على هذا البيان باسمي،

أيلول (سبتمبر) 1982